
بلهجةٍ تجمع بين الواقعية والطموح، وبعيدًا عن لغة الوعود الرنانة التي عادةً ما تصاحب قدوم المدربين الجدد، أطل البلجيكي يانيك فيريرا، المدير الفني الجديد لنادي الزمالك، ليضع النقاط على الحروف ويرسم ملامح حقبته مع القلعة البيضاء. فيريرا لم يأتِ ليبيع الوهم للجماهير المتعطشة للبطولات، بل جاء محملاً بفلسفة عمل واضحة تقوم على الجهد والتكاتف والقتال، معتبراً أن الانتصارات والألقاب ستكون نتيجة حتمية وطبيعية لهذه المنظومة، في محاولة جادة لاستنساخ مجد “نادي القرن العشرين” في القرن الحادي والعشرين.
يدرك المدرب البلجيكي، البالغ من العمر 44 عامًا، حجم الإرث الذي يستند عليه نادي الزمالك، والإشارة إلى لقب نادي القرن لم تكن مجرد مجاملة عابرة، بل هي اعتراف واعٍ بتاريخ النادي ومكانته، وتحميل لنفسه مسؤولية ضخمة تتمثل في محاولة إعادة هذا اللقب إلى خزائن ميت عقبة في الألفية الجديدة. حديثه عن ضرورة أن يسير الجميع في نفس الاتجاه، من إدارة ولاعبين وجماهير، يكشف عن فهم عميق لأهم أسباب النجاح في الأندية الكبرى، وهو توحيد الصفوف خلف هدف واحد، وهو ما افتقده الفريق في فترات متقطعة.
“سنقاتل من أجلكم”.. فلسفة فيريرا بين العمل الشاق والجهاز الفني المتكامل
في جوهر رسالته الأولى، قدم يانيك فيريرا وعدًا واحدًا يمكنه الالتزام به دون مواربة: “اللاعبون سيقاتلون بقوة من أجلكم من اليوم الأول وحتى اليوم الأخير”. هذا الوعد البسيط والعميق يلامس وترًا حساسًا لدى جماهير الزمالك التي طالما قدّرت الروح القتالية والالتزام فوق أي اعتبار آخر. الرجل يراهن على بناء فريق بروح المحاربين، يدرك قيمة القميص الأبيض، ويعي أن الطريق إلى منصات التتويج يُعبد بالعرق والجهد وليس بالتصريحات الإعلامية، وهي رسالة ذكية لغرفة ملابس الفريق قبل أن تكون للجماهير.
ولتحويل هذه الفلسفة إلى واقع ملموس، استقدم فيريرا جهازًا فنيًا أجنبيًا متكاملاً، يضم مساعدين من فرنسا وبلجيكا وإسبانيا في تخصصات دقيقة كالتدريب المساعد والأحمال وحراسة المرمى وتحليل الأداء، مع الإبقاء على حازم إمام كرمز للخبرة والتاريخ داخل النادي. هذا المزيج المدروس يعكس رغبة المدرب في تطبيق أحدث الأساليب العلمية في التدريب، مع عدم إغفال هوية النادي وروح لاعبيه، في مغامرة جديدة تأمل جماهير الزمالك أن تكون بداية رحلة العودة إلى الهيمنة القارية والمحلية.