ارتباط فريد.. الجماهير الإسبانية والقضية الفلسطينية تتقاطع مع سيلتيك وتكشف سر الدعم الكبير

تجسد الجماهير الإسبانية ارتباطًا عميقًا بالقضية الفلسطينية، حيث تتجلى هذه التضامنات في الشوارع والمدرجات والميادين السياسية بشكل واضح ومتواصل، ما يجعل دعم فلسطين جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي في إسبانيا.

تضامن الجماهير الإسبانية مع القضية الفلسطينية في الميادين السياسية والشعبية

لم تكن تصريحات خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني، حول السماح برفع الأعلام الفلسطينية في مباريات الدوري مجرد موقف رياضي فحسب، بل كانت انعكاسًا لموقف شعبي وسياسي واسع في إسبانيا، معبرًا عن قلق شديد إزاء الأحداث في غزة؛ إذ وصف الوضع هناك بالصعب والقاسي، مشيرًا إلى استحالة منع الدعم الفلسطيني في المستقبل. وفي إطار التصريحات السياسية، اتخذت إسبانيا مواقف غير مسبوقة، حيث وجهت إيون بيلارا، القائمة بأعمال وزير الحقوق الاجتماعية الإسباني، اتهامات مباشرة لإسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية مخططة»، مشددة على المعاناة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون من نقص الغذاء والماء والكهرباء، إلى جانب القصف المستمر للمدنيين وانتهاك القانون الدولي. لم تقتصر هذه المواقف على تصريحات فردية، بل دعا بيدرو سانشيز، القائم بأعمال رئيس الوزراء، الشعب إلى التظاهر دعمًا لفلسطين ورفضًا لتأييد الإدارة الأمريكية لإسرائيل، حيث استجاب المواطنون لنداء سانشيز، محتشدين في مسيرات واسعة من مدريد إلى مناطق كاتالونيا والباسك، رافعين شعارات تطالب بـ«فلسطين حرة» تعكس هذا التضامن الشعبي الكبير.

دور المدرجات الرياضية في إسبانيا كمنصة لدعم فلسطين وتفاعل جماهيري واسع

تعد ملاعب كرة القدم في إسبانيا شاهدًا حيًا على ارتباط الجماهير بالقضية الفلسطينية، حيث توافرت الأعلام الفلسطينية في مباريات عدة، أبرزها عندما رفعت جماهير ريال سوسيداد الأعلام خلال مواجهة فريقها مع مايوركا، وكذلك تفعل جماهير أوساسونا في مواجهة غرناطة، مؤكدين بذلك دعمهم العلني لفلسطين. كما أبدت الحكومة الإسبانية موافقتها على إقامة مباراة ودية بين منتخب الباسك وفلسطين في نوفمبر بمدينة بلباو، في خطوة رمزية مذهلة تعكس أولويات التضامن الشعبي والسياسي. هذا الدعم يتسق مع مشاهد موازية عبر أوروبا، فمشجعو سيلتيك الأسكتلندي، وفقًا لشون هدلستون المحاضر والمتابع للشؤون الرياضية، يرفعون أيضًا الأعلام الفلسطينية، اعترافًا برابط تاريخي بين نضالات الفلسطينيين ضد الاحتلال ونضالات الأيرلنديين ضد الاستعمار البريطاني، مما يبرز كيف أن مدرجات إسبانيا ليست حالة فريدة بل جزء من حركة تضامن أوروبية واسعة.

تاريخ طويل وممتد لدعم إسبانيا الجماهيري والسياسي للقضية الفلسطينية

لا يُعد دعم الجماهير الإسبانية لفلسطين مجرد رد فعل فوري للأحداث الراهنة، بل هو امتداد لتاريخ عميق من التضامن والوقوف إلى جانب الفلسطينيين، حيث أظهرت إسبانيا في استبيان «YouGov» عام 2023 أعلى درجات التعاطف في أوروبا الغربية مع الشعب الفلسطيني في مواجهة الانحياز الأمريكي الواضح لإسرائيل. قبل عام 1986، كانت إسبانيا الدولة الغربية الوحيدة التي لم تعترف بإسرائيل رسميًا احترامًا لعلاقاتها التاريخية مع العالم العربي، وبعد انضمامها إلى الجماعة الاقتصادية الأوروبية، سارعت لإعلان دعمها للحقوق الفلسطينية، ما يؤكد تمسكها بهذه القضية على الصعيدين الرسمي والشعبي. تعكس العلاقات الوثيقة بين إسبانيا ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي تأسست في مدريد عام 1979، ومدى الترحيب الرسمي بالزعيم الراحل ياسر عرفات، عمق هذه الروابط. لذلك، حين نرى الأعلام الفلسطينية ترفرف في شوارع مدريد ومدرجات فرق مثل أوساسونا وسوسيداد، نلاحظ أن التضامن مع فلسطين جزء متجذر وجدانيًا وجماهيريًا داخل المجتمع الإسباني، يشمل كلاً من الشعب والحكومة، ويعكس دعمًا عميقًا يترسخ عبر عقود من الزمن.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.