
كشفت نتائج أعمال شركات التمويل غير المصرفي المقيدة بالبورصة المصرية تباين أدائها خلال الربع الأول من عام 2025، حيث سجلت بعض الشركات تراجعًا في صافي الأرباح رغم تحقيقها نمواً ملحوظاً في الإيرادات، متأثرة بضغوط تمويلية وارتفاع تكلفة الاقتراض، إلى جانب تأثير فروق العملة.
وأظهر مسح أجرته «البورصة» على القوائم المالية لـ7 شركات عاملة بالقطاع، انخفاض أرباح ثلاث منها، في مقدمتها «إي إف جي القابضة» التي سجلت تراجعاً بنسبة 27%، بينما حافظت شركات أخرى على وتيرة نموها الربحي، أبرزها «سي آي كابيتال القابضة».
ويأتي هذا التباين في الأداء وسط توقعات بتحسن نسبي في نتائج الشركات خلال النصف الثاني من العام، مدعومة باتجاه البنك المركزي المصري نحو خفض أسعار الفائدة، وهو ما قد يسهم في تقليص أعباء التمويل وتعزيز هوامش الربحية.
وسجلت شركة “جي بي كورب” ارتفاعًا في إجمالي الإيرادات بنسبة 86% خلال الربع الأول من 2025 لتسجل 16.76 مليار جنيه، مقارنة بـ9 مليارات جنيه في الربع المقابل من عام 2024.
أما “بلتون القابضة”، فقد حققت قفزة فى الإيرادات بنسبة 111% في الإيرادات لتصل إلى 2.8 مليار جنيه، مقارنة بـ1.3 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق، وهو ما يعكس زيادة في محفظة الإقراض والمشروعات الجديدة.
قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن تراجع أرباح بعض شركات التمويل غير المصرفي، رغم تسجيلها نمواً فى الإيرادات، يُعزى بشكل أساسي إلى ارتفاع التكاليف غير التشغيلية، خاصة تكلفة التمويل وخسائر فروق العملة.
وأوضح شفيع أن عدداً من الشركات أظهر أداءً تشغيلياً قوياً، لكن تأثير الفائدة المرتفعة على الاقتراض، وتكاليف التوريق، بالإضافة إلى الخسائر الناتجة عن تقلبات سعر الصرف، تسببت في تآكل صافي الأرباح.
وأشار إلى أن النمو في الإيرادات يُعد مؤشراً على قوة النشاط الأساسي، حتى وإن لم ينعكس بصورة مباشرة على صافي الربح في الوقت الحالي.
وأضاف أن قدرة الشركات على التوسع التشغيلي يُمكن تتبعها من خلال مراقبة نمو محافظ القروض، وخاصة لدى الشركات التي تمتلك أذرعاً تمويلية نشطة مثل التمويل العقاري والتمويل الاستهلاكي، مستشهدًا بشركة “بلتون المالية” كنموذج ناجح.
أشار شفيع إلى أن التخفيضين اللذين أجراهما البنك المركزي المصري خلال شهري أبريل ومايو الماضيين لن يكون لهما تأثير كبير على نتائج النصف الأول من العام الجاري، بل من المرجّح أن تبدأ آثار الخفض في الظهور خلال الربع الثالث والنصف الثاني من 2025.
وأوضح أن خفض أسعار الفائدة يُحدث تأثيرًا مزدوجًا؛ فمن ناحية يقلل من التكلفة التمويلية على الشركات، ومن ناحية أخرى يعزز من الطلب على المنتجات التمويلية، وهو ما يُترجم لاحقًا إلى تحسن في الإيرادات وصافي الأرباح.
وأكد على أن التوسع التشغيلي المدفوع بانخفاض الفائدة من شأنه أن يدعم التقييم العادل لأسهم الشركات، لا سيما في شركات مثل “بلتون” و”إي إف جي القابضة”، التي لا تزال تُتداول بأسعار تقل عن قيمها العادلة.
ميخائيل: العملاء لا يزالون في وضع الانتظار ترقبًا لمزيد من الخفض
قالت سالي ميخائيل، رئيس قطاع الاستراتيجيات بشركة «تايكون» لتداول الأوراق المالية، إن الأداء الضعيف للقطاع خلال الربع الأول يتماشى مع النظرة الحذرة التي تبنتها الشركة منذ بداية العام، حيث استبعدت الاستثمار في القطاع من خططها لعام 2025.
وأرجعت ميخائيل هذا القرار إلى التوقعات باستمرار دورة التيسير النقدي، بما يشمل خفضًا مرتقبًا للفائدة بنحو 325 نقطة أساس خلال العام، وهو ما قد يؤثر سلبًا على العوائد الاستثمارية للشركات التي توظف جزءًا كبيرًا من سيولتها في أدوات الدين.
وأشارت إلى أن حالة الترقب التي سيطرت على سلوك العملاء خلال الربع الأول دفعتهم لتأجيل التعاقدات التمويلية لحين اتضاح اتجاهات السياسة النقدية، ما انعكس على تباطؤ النشاط التشغيلي للشركات.
ورغم خفض الفائدة فعليًا بمقدار 3.25%، لا يزال الحذر يهيمن على قرارات العملاء، الذين ينتظرون خفضًا إضافيًا قبل الإقبال على توقيع تعاقدات جديدة، بحسب ميخائيل.
وتوقعت أن يبدأ الأثر الإيجابي لانخفاض الفائدة في الظهور تدريجيًا خلال الربع الثالث، بمجرد أن تستقر التوقعات بشأن توجهات المركزي وتترسخ القناعة بأن أسعار الفائدة بلغت مستوياتها الدنيا، ما يعزز الطلب على حلول التمويل.
وأكدت أن عام 2024 كان استثنائيًا من حيث ارتفاع الفائدة، التي بلغت زياداتها 800 نقطة أساس، وأسهمت في تعزيز أرباح العديد من الشركات آنذاك، لكن الأوضاع في عام 2025 تختلف جذريًا، خاصة مع تراجع عائد أدوات الدين قصيرة الأجل.
ورغم التحديات، فقد سجلت بعض الشركات نتائج إيجابية خلال الربع الأول؛ حيث ارتفعت أرباح «بلتون» بنسبة 36% لتسجل 747 مليون جنيه بنهاية مارس 2025، مقابل 548 مليون جنيه في نفس الفترة من 2024.
في المقابل، انخفضت أرباح «جي بي كورب» بنسبة 10% لتبلغ 603 ملايين جنيه، مقارنة بـ667 مليون جنيه، كما تراجعت أرباح «إي إف جي القابضة» إلى 1.554 مليار جنيه مقابل 2.115 مليار جنيه، بانخفاض 27%.
فهمي: الأثر الحقيقي لتراجع الفائدة يظهر بداية من الربع الثالث
قال هيثم فهمي، خبير أسواق المال، إن تراجع أرباح بعض شركات التمويل غير المصرفي لا يعكس تراجعًا في نشاطها التشغيلي، بل يرجع في الأساس إلى ضغوط تمويلية ناتجة عن ارتفاع الفائدة وخسائر فروق العملة.
وأضاف أن العديد من الشركات أظهرت نموًا في الإيرادات التشغيلية، مما يدل على استقرار النشاط الأساسي، مشيرًا إلى أن التوسع في محافظ القروض لا سيما في التمويل العقاري والاستهلاكي والتأجير التمويلي، يمثل مؤشرًا حقيقيًا على قوة الأداء المستقبلي.
وأكد أن نتائج أعمال شركة «بلتون» تعكس هذا التوجه، حيث جاء النمو في الإيرادات مدفوعًا بزيادة نشاط الإقراض، ما يعكس ديناميكية توسعية إيجابية.
أكد على أن الأثر الإيجابي لتراجع الفائدة سيبدأ في التبلور بوضوح مع نتائج الربع الثالث من العام، وهو ما سيدعم تقييمات الأسهم المدرجة في القطاع، خاصة تلك التي لا تزال تتداول بأقل من قيمتها العادلة، مثل سهم «بلتون» الذي تجاوز مستوى 2.90 جنيه، في حين تُقدر قيمته العادلة بنحو 4 جنيهات للسهم.