
سجّل قطاع التخصيم نموًا قياسيًا خلال الربع الأول من العام الجاري، ليواصل تصدّره قائمة الأنشطة المالية غير المصرفية الأسرع نموًا، مدعومًا بعدة عوامل أبرزها تراجع أسعار الفائدة، وزيادة الطلب على حلول تمويل مرنة وسريعة، في ظل تباطؤ أدوات التمويل التقليدية.
وأظهرت بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية، نمو نشاط التخصيم بنحو 100% خلال الربع الأول من 2025، ليصل إلى 40.2 مليار جنيه، مقابل 20.2 مليار جنيه في الفترة نفسها من العام السابق، مستحوذًا على 10.5% من إجمالي الأنشطة المالية غير المصرفية.
وبلغ إجمالي الأوراق المخصمة 29.8 مليار جنيه، منها 17.4 مليار جنيه بحق الرجوع، و12.3 مليار جنيه بدون حق الرجوع، ما يعكس تنامي الثقة في مرونة هذا النشاط، خاصة بين الشركات الباحثة عن تدفقات نقدية عاجلة.
قال خالد سرحان، العضو المنتدب للشركة الدولية للتأجير التمويلي «إنكوليس»، إن نمو قطاع التخصيم يعود بشكل رئيسي إلى التوسع في منح تراخيص مزاولة النشاط، وهو ما أسهم في دخول مزيد من اللاعبين إلى السوق، وزيادة تنافسية الخدمات التمويلية.
أضاف أن قرارات البنك المركزي المتعلقة بوضع حدود قصوى لتمويل البنوك لشركات التأجير التمويلي – بحد أقصى 5% من محفظة القروض، وبما لا يتجاوز 1% لكل شركة – دفعت كثيرًا من الشركات إلى اللجوء إلى أدوات تمويل بديلة، أبرزها التخصيم.
وأشار إلى أن نشاط التخصيم العكسي، الذي يُركز على تمويل سلاسل الإمداد الخاصة بالشركات، أصبح يحظى بإقبال واسع، لا سيما في ظل التوسع المستمر في مشروعات التطوير العقاري والتمويل الاستهلاكي.
سليم: شريحة كبيرة من العملاء تفضل “التخصيم” لتوفير السيولة بشكل فوري
من جانبه، أوضح طارق سليم، المدير التنفيذي لشركة الأهلي للتأجير التمويلي، أن الطلب على نشاط التخصيم شهد ارتفاعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، نتيجة تفضيل شريحة واسعة من العملاء لتوفير السيولة بشكل فوري، عوضًا عن انتظار التمويل طويل الأجل التقليدي.
وأشار إلى أن التخصيم أصبح خيارًا إستراتيجيًا للشركات التي تسعى إلى تدفقات نقدية منتظمة لتغطية التزاماتها، خصوصًا في القطاعات ذات دورات التحصيل الطويلة، أو تلك التي تواجه تأخرًا في استلام مستحقاتها.
وفيما يتعلق بالتخصيم الدولي، أكد سليم أن استقرار سعر الصرف لا يؤثر جوهريًا على هذا النوع من التخصيم، نظرًا لعملاء النشاط في قطاع التصدير، والذين يمتلكون تدفقات دولارية منتظمة تقلل من تأثير تقلبات أسعار العملات.
وسجل نشاط التخصيم الدولي انخفاضًا طفيفًا بنسبة 2% خلال العام الماضي، ليبلغ 259 مليون دولار بنهاية 2024، مقارنة بـ266 مليون دولار في عام 2010، وفقًا لمنظمة التخصيم الدولية.
قال محمد نادر، العضو المنتدب لشركة “أرتشر للتأجير التمويلي”، إن نشاط التخصيم تضاعف خلال الربع الأول من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة محركات رئيسية؛ أبرزها ارتفاع القيمة السوقية للسلع، مدفوعة بارتفاع سعر صرف الدولار من 30 إلى نحو 50 جنيهًا، ما أدى إلى زيادة قيم العمليات التجارية بنسبة تتراوح بين 30% و35%.
بالإضافة إلى استعادة النشاط التجاري لعافيته – بعد أن عانى من تباطؤ في العام السابق نتيجة قيود الاستيراد وصعوبة توفير الدولار – أسهم في زيادة الطلب على أدوات التمويل البديلة، خاصة مع تحسن بيئة الأعمال وسلاسل التوريد.
أضاف أن المحركات في زيادة الوعي باستخدام التخصيم كأداة تمويل، ما ساعد على دخول شريحة جديدة من الشركات للاستفادة منه، في ظل وجود هوامش ربحية مرتفعة مقارنة بالتمويل المصرفي التقليدي.
وأوضح نادر أن السياسة النقدية التيسيرية التي بدأها البنك المركزي منذ الربع الثاني – بخفض الفائدة بمقدار 3.25% على مرحلتين – تدعم استمرار التوسع في أنشطة التمويل، خصوصًا التأجير التمويلي والتخصيم.
صدقي: النشاط يتمتع بهوامش ربحية أعلى من نظيره المصرفى
قال حسين صدقي، المدير التنفيذي لشركة “توسع للتخصيم”، إن السوق شهد تحسنًا ملحوظًا في مستويات الطلب على التخصيم خلال الربع الأول من العام الجاري، مدفوعًا باستئناف نشاط الاستيراد والتصدير، بعد فترات من التباطؤ أثرت على حركة التجارة.
أشار إلى أن هذا الانتعاش صاحبه تطور ملحوظ في فهم العملاء لطبيعة النشاط، ما انعكس على حجم الطلب المتزايد، خاصة من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف أن التخصيم يتمتع بهوامش ربحية أعلى من نظيره المصرفي، ما يجعله أكثر جاذبية خلال فترات التيسير النقدي، متوقعًا أن تحقق السوق معدلات نمو إضافية في ضوء استمرار البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة، ما يُسهم في خفض تكلفة التمويل وتشجيع التوسع.