ثقب أسود تائه يُحدث انقلابًا في فهم نشأة الثقوب السوداء

اكتشاف ثقب أسود متوسط الكتلة تائه في مجرة قزمة بعيدة يثير جدلاً واسعاً حول مواقع وأصول هذه الأجسام الكونية، إذ يبعد هذا الثقب الأسود نحو 230 مليون سنة ضوئية عن الأرض، ويصل حجمه إلى ما يقارب 300 ألف مرة كتلة الشمس، غير أنه لا يتوضع في مركز المجرة كما هو مألوف، بل يقع على بُعد أكثر من 3 آلاف سنة ضوئية منها، مما يعيد النظر في الفرضيات التقليدية المتعلقة بنمو وتطور الثقوب السوداء.

كيف يُفسر وجود الثقب الأسود متوسط الكتلة بعيدًا عن مركز المجرة؟

الثقب الأسود متوسط الكتلة الذي تم رصده ما يزال نشطًا، حيث يلتقط المادة المحيطة به ويطلق نفاثات طاقة قوية تعبر الفضاء، وهو ما يشير بقوة إلى وجود ثقب أسود متوسط الكتلة (IMBH) يمارس نشاطًا مكثفًا في موقع غير متوقع، بعيدًا عن مركز المجرة. فحسب البيانات التي جُمعت من مسح Apache Point Observatory (MaNGA)، صُدمت فرق العلماء بـ “ركلة” هائلة دفعت بقايا المجرة المضيفة إلى الفضاء بين المجرات، مما أدى إلى هذا التموضع غير التقليدي للثقب الأسود. كما تمكن الباحثون من اكتشاف بلازما تحترق بدرجات حرارة تتجاوز مليار درجة مئوية، مع نفاث مادي يصل طوله إلى 7.2 سنة ضوئية، ما يعزز فرضية النشاط الأسطوري لهذا الثقب في موقعه الحالي.

تأثير الاكتشاف على فهم نمو الثقوب السوداء المتوسطة الحجم

هذا الاكتشاف يغير النظرة السائدة التي كانت تربط نمو الثقوب السوداء الضخمة فقط بتمركزها في نواة المجرات، إذ تبين الآن أن عملية تغذية الثقب الأسود متوسط الكتلة يمكن أن تتم بعيدًا عن مراكز المجرات، ما يتيح فرصة له للنمو في مواقع غير مركزية، وهي خطوة جديدة قد تكون مفتاحًا لفهم كيف تَبنى الثقوب السوداء فائقة الكتلة عبر مراحل مبكرة من عمر الكون. وتشير الأدلة إلى أن هذه الثقوب المتوسطة الحجم يمكن أن تمثل بذورًا أولية تشكلت قبل مليار سنة من نشأة الكون، مما يؤثر على كيفية تصورنا لعلاقة الثقوب السوداء وتطور المجرات بشكل مشترك.

رؤية جديدة لتطوير الثقوب السوداء والمجرات بناءً على الاكتشاف الحديث

أوضح آن تاو، قائد الفريق البحثي في مرصد شنجهاي الفلكي، أن النتائج تدعو إلى إعادة التفكير في مفهوم التعايش والتطور المشترك بين الثقوب السوداء والمجرات، خصوصًا أن العلاقة بينهما لم تعد محصورة بالمراكز المجرية. فتوزيع الثقوب السوداء ومتوسط كتلها في مجرات قزمة وبعيدة يزيد من احتمالية وجود سيناريوهات تطورية مختلفة، حيث تسهم هذه الثقوب في إعادة تشكيل بنية المجرة وتاريخها الديناميكي عبر نفاثاتها القوية وتأثيراتها المادية في الوسط الكوني المحيط.

  • رصد الثقب الأسود المتوسط مع نفاثات طاقة تحترق بأكثر من مليار درجة مئوية
  • تحديد موقع الثقب بعيدًا عن مركز المجرة بحوالي 3 آلاف سنة ضوئية
  • تأثير “ركلة” هائلة دافعة لكتل المجرة إلى الفضاء بين المجرات
  • دلالة هذا الموقع غير التقليدي في إعادة النظر بمراحل نمو الثقوب السوداء
  • ربط ظهور الثقوب السوداء فائقة الكتلة بالبذور المتوسطة النشأة في المراحل الأولى للكون

تكشف هذه المعطيات عن جانب جديد في عمر الكون البعيد، حيث لم تعد مراكز المجرات وحدها المسؤولة عن ظهور الثقوب السوداء الضخمة، بل يمكن للثقوب المتوسطة أن تتحرك وتؤثر في بيئتها حتى خارج النواة، مانحة إياها فرصة للنمو وتطور أشمل. في ظل هذا الفهم المتجدد، تتسع أبواب البحث في علم الفلك لفهم أشمل لمعاني تشكل الكون وتفاعلاته المعقدة التي ما تزال تدهش المجتمع العلمي.

كاتب لدي موقع عرب سبورت في القسم الرياضي أهتم بكل ما يخص الرياضة وأكتب أحيانا في قسم الأخبار المنوعة