موجات الجاذبية تكشف تفاصيل غير مسبوقة لانفجار ثقب أسود بعد اندماج كوني

في إنجاز علمي نادر، تمكن فريق من علماء الفلك من قياس سرعة واتجاه اندفاع ثقب أسود حديث الولادة، بعد اندماج ثقبين أسودين ضخمين، حيث تحرك الثقب الأسود الناتج بسرعة هائلة مبتعدًا عن مكان اندماجه، وهو ما رُصد باستخدام موجات الجاذبية التي تنبأ بها أينشتاين، وتم اكتشافها فعليًا عام 2015 عبر مرصد LIGO.

القياس الكامل لسرعة واتجاه اندفاع الثقب الأسود الجديد بواسطة موجات الجاذبية

قام فريق بحثي في إسبانيا بتحليل بيانات الحدث الفلكي GW190412، الذي سجل عام 2019 نتيجة اندماج ثقبين أسودين مختلفي الكتلة، ليتمكن من وصف حركة الثقب الأسود الوليد بشكل دقيق، فهذا الاندماج أدى إلى اندفاع الثقب بسرعة تجاوزت 50 كيلومترًا في الثانية، أي ما يعادل أكثر من 112 ألف ميل في الساعة، وهي سرعة كبيرة بما يكفي لكي يتحرر من التجمع النجمي الكثيف الذي نشأ فيه؛ والأهم من ذلك تمكّن العلماء من تحديد كل من سرعة واتجاه هذا الاندفاع لأول مرة، وهو إنجاز فريد في دراسة “ركلة” الثقوب السوداء بعد الاندماج.

الدلالات الفلكية وأهمية قياسات حركة الثقوب السوداء الناتجة

يرى الباحثون أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لدراسة الثقوب السوداء من خلال موجات الجاذبية، فحسب كوستاف تشاندرا من جامعة بنسلفانيا، يشكل هذا الحدث من الظواهر القليلة التي تمكن العلماء من خلالها إعادة بناء الحركة بثلاثة أبعاد لجسم فلكي عبر تحليل تموجات الزمكان فقط، دون الحاجة إلى إشارات ضوئية؛ وهذه القدرة تعزز من فهمنا لكيفية تنقل الثقوب السوداء المندفعة في الفضاء، خاصة إذا ما كانت تمر عبر غازات محيطة يُمكن رصدها ضوئيًا، مما يوفّر رؤية أوضح عن البيئة التي تحيط بهذه الأجسام الكونية الغامضة.

ربط موجات الجاذبية بالإشارات الكهرومغناطيسية من اندماجات الثقوب السوداء

تلخص الدراسة في مجلة Nature Astronomy أن هذا العمل يمكن من إعادة بناء الحركة الكاملة بشكل ثلاثي الأبعاد من بيانات موجات الجاذبية، مما قد يساعد في المستقبل على إقامة صلات واضحة بين الإشارات الجاذبية والإشارات الكهرومغناطيسية المنبعثة من اندماجات الثقوب السوداء، وهذا التطور سيرفد العلماء بصورة أكثر شمولًا عن هذه الظواهر الكونية المعقدة، ويعزز من قدرتهم على تفسير المشاهدات الفلكية المتعددة المصادر.