مصر تدرس رفع أسعار البنزين والسولار هذا الشهر بعد طلب الصندوق الدولي
تستعد مصر لاستقبال بعثة صندوق النقد الدولي خلال أشهر الخريف الجاري أو أكتوبر المقبل لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج القروض، وهو ما يُرتبط بصرف دفعتين جديدتين بقيمة 2.4 مليار دولار؛ وفق الاتفاق المبرم في برنامج الإصلاح الاقتصادي. يأتي ذلك في ظل مطالب صندوق النقد التي تتضمن تطبيق حزمة من الإجراءات الاقتصادية المهمة التي تقضي برفع الدعم عن الوقود نهائيًا قبل نهاية العام، وتسريع تخارج الدولة من حصصها في بعض الشركات لصالح القطاع الخاص، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وتقليل الضغط على الإنفاق العام والدين الحكومي. فهل تعيش مصر موجة رفع أسعار البنزين والسولار والغاز خلال الفترة القادمة؟
التوقعات حول زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز في مصر خلال 2025
تجتمع لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بشكل دوري لمراجعة وتحديد أسعار البيع، ويُنتظر عقد اجتماعها الشهر المقبل لمناقشة آخر التطورات. وقد سبق أن قررت اللجنة رفع أسعار البنزين والسولار في اجتماعها السابق بأبريل 2025 بواقع جنيهين، وكان من المُقرر أن يُعقد الاجتماع التالي بعد ستة أشهر في أكتوبر. كانت هذه الزيادة الرابعة خلال 2024، وكانت الأولى في عام 2025، مما يفتح الباب أمام توقعات ارتفاع جديد في أسعار الوقود؛ خاصة مع التزام مصر باتفاقها مع صندوق النقد لرفع الدعم تدريجيًا حتى نهايات 2025.
مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول سابقًا، يؤكد أن هناك توجهًا لرفع أسعار السولار والغاز بنسبة تتجاوز 10%؛ لأن أسعارهما لا تعكس التكلفة الحقيقية، بينما أسعار البنزين 95 تقترب من تكلفتها الفعلية، لذلك قد تكون الزيادات على أنواع البنزين الأخرى محدودة. ويشير إلى أن دعم البوتاجاز سيظل قائمًا لكن هناك توقعات برفع السعر لتعويض الفارق بين سعر البيع والتكلفة.
وفي السياق ذاته، يرى وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، أن الحكومة ستلجأ للرفع المباشر لأسعار الوقود، بهدف الوصول إلى هدف “صفر دعم” مع نهاية ديسمبر 2025، تأكيدًا على الالتزام الكامل باتفاق الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد. وأشار النحاس إلى أن مخصصات الدعم في الموازنة انخفضت إلى 75 مليار جنيه، مقارنةً بـ154.4 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي، ما يوضح ضيق المساحات المتاحة أمام استمرار الدعم.
وفي ظل هذا الإطار، تعتزم مصر خفض دعم المواد البترولية في السنة المالية 2025-2026 بنسبة 51.4% مقارنة بـ2024-2025، لتحقيق التوازن المالي وتقليل الأعباء الاقتصادية، مما يعكس استمرارية رفع أسعار البنزين والسولار والغاز بالتدريج خلال الأشهر القادمة.
كيف تطورت أسعار المحروقات في مصر خلال عام 2024 وتوقعات رفع الدعم؟
شهدت أسعار الوقود في مصر سلسلة من الزيادات خلال 2024، بدأتها اللجنة المسؤولة عن التسعير التلقائي برفع أسعار البنزين في مارس، حيث قُدمت أسعار لتر بنزين 80 إلى 11 جنيهًا، و92 إلى 12.5 جنيه، و95 إلى 13.5 جنيهًا. وفي يوليو، استمرت الزيادات لتشمل السولار وزادت أسعار البنزين بنسبة ملحوظة؛ ووصل سعر السولار إلى 11.5 جنيه، وبنزين 80 إلى 12.25 جنيه، وبنزين 92 إلى 13.75 جنيه، وبنزين 95 إلى 15 جنيهًا.
وفي أكتوبر من نفس العام، قررت اللجنة رفع أسعار البنزين بكافة أنواعه والسولار، حيث أصبح سعر اللتر من بنزين 80 نحو 13.75 جنيهًا، وبنزين 92 إلى 15.25 جنيهًا، وبنزين 95 إلى 17 جنيهًا، والسولار إلى 13.5 جنيه، فيما سجل غاز السيارات سعر 7 جنيهات للمتر المكعب. ويُظهر هذا الجدول التطورات المختلفة للأسعار خلال 2024:
الشهر | بنزين 80 (جنيه) | بنزين 92 (جنيه) | بنزين 95 (جنيه) | السولار (جنيه) | غاز السيارات (جنيه/م3) |
---|---|---|---|---|---|
مارس 2024 | 11 | 12.5 | 13.5 | 10 | — |
يوليو 2024 | 12.25 | 13.75 | 15 | 11.5 | — |
أكتوبر 2024 | 13.75 | 15.25 | 17 | 13.5 | 7 |
رؤية مستقبلية لرفع الدعم وتأثيره على سوق المحروقات المصرية
يترقب المواطنون والمؤسسات قرار رفع الدعم عن الوقود بنهاية عام 2025، حيث يشكل ذلك تحولًا مهمًا في سياسة تسعير المحروقات. تُركز الحكومة على تخفيف أعباء الدعم المالي وتأمين النقد الأجنبي، وهو ما يتطلب سلسلة من الإجراءات الاقتصادية المتزامنة مع تحريك أسعار البنزين والسولار والغاز نحو التكلفة الفعلية.
تُحدّد لجنة التسعير التلقائي آلية مراجعة الأسعار دوريا، بهدف تحقيق التوازن بين حاجة الدولة لخفض الدعم وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار، ما يساهم في تخفيف الأعباء على خزينة الدولة وحماية الاقتصاد الوطني.
تُقدّر اللجنة أن أي زيادات مرتقبة في البنزين بأنواعه ستكون محدودة، في حين قد تشهد أسعار السولار والغاز ارتفاعًا أكثر وضوحًا بسبب الفجوة الكبيرة بين السعر والتكلفة؛ ممّا يدفع للصندوق والموازنة العامة لمواصلة تطبيق الاستراتيجيات الإصلاحية، في محاولة لمواجهة التضخم المالي وتحسين كفاءة الدعم.
باتت هذه الخطوات جزءًا من برنامج الإصلاحات التي يرعاها صندوق النقد الدولي، وتُعد جزءًا لا يتجزأ من المساعي الحكومية لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد، والحفاظ على استدامة الدعم وفق خطط مدروسة ومتدرجة تتوافق مع متطلبات السوق والتوازن المالي.