انهيار الدولار أمام الجنيه المصري: كيف قلبت السياحة والتحويلات موازين الاقتصاد؟
انخفض سعر الدولار مقابل الجنيه المصري إلى أدنى مستوى له خلال أكثر من ستة أشهر، ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في الاقتصاد المصري بسبب تحسن تدفقات النقد الأجنبي وتأثيرات عدة عوامل داخلية وخارجية. سجل البنك المركزي في 10 سبتمبر 2025 سعر شراء الدولار عند 47.95 جنيهًا وسعر البيع عند 48.05 جنيهًا، بينما استقر سعر السوق الموازية عند حوالي 48.14 جنيهًا، ما يدل على تقوية الجنيه في مواجهة العملة الأمريكية.
كيف ساهمت طفرة السياحة والتحويلات في انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه المصري
كان لنمو قطاع السياحة دور بارز في تعزيز الاقتصاد المصري، حيث استقبلت البلاد نحو 3.9 مليون سائح خلال الربع الأول من العام الحالي، بزيادة بلغت 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي؛ كما شهدت تحويلات المصريين في الخارج ارتفاعًا كبيرًا إلى 32.6 مليار دولار خلال مارس 2024 حتى فبراير 2025، بنسبة نمو بلغت 72%؛ وأسهمت هذه الزيادة في تدفق العملات الأجنبية في رفع الاحتياطي النقدي إلى أكثر من 48 مليار دولار، وهو أعلى رقم يسجله الاحتياطي منذ عقود، ما انعكس إيجابًا على استقرار الجنيه المصري مقابل الدولار.
الأسباب العالمية وتأثير السياسات الأمريكية على سعر الدولار مقابل الجنيه المصري
تلعب السياسات النقدية الأمريكية والتطورات العالمية دورًا مهمًا في تحديد قيمة الدولار عالميًا، وهو ما انعكس على سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري؛ فمنذ جائحة كوفيد-19، طبقت الولايات المتحدة برامج التيسير الكمي بضخ نحو خمسة تريليونات دولار في الاقتصاد، ما زاد مخاوف المستثمرين من ارتفاع معدلات التضخم وضعف العملة الأمريكية؛ إلى جانب تضخم الدين العام الذي بلغ نحو 37 تريليون دولار منتصف 2024، واستعمال الدولار كأداة ضغط سياسي، كما حدث مع روسيا عام 2022، ما أضعف نطاق قوة الدولار أمام العملات الأخرى ومنها الجنيه المصري.
تأثير استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري على الجهاز المصرفي والاقتصاد المحلي
شهد الجهاز المصرفي المصري حالة من الاستقرار في سوق الصرف مع تدفق الدولار بصورة أكبر، مما ساعد البنوك على توفير العملات الأجنبية المطلوبة للمستوردين والعملاء بسهولة؛ واستفادت المؤسسات المصرفية من زيادة الاحتياطي النقدي في تعزيز تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يدعم النمو الاقتصادي المحلي؛ ومع توقعات خفض أسعار الفائدة، يفضل بعض المصارف الانتظار حتى استقرار المؤشرات الاقتصادية على المدى المتوسط قبل إدخال تغييرات شاملة على سياساتها الائتمانية، مما يعكس حالة من الحذر المتوازن مع التفاؤل تجاه مستقبل سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.
التاريخ | سعر شراء الدولار (جنيه) | سعر بيع الدولار (جنيه) | السوق الموازية (جنيه) |
---|---|---|---|
10 سبتمبر 2025 | 47.95 | 48.05 | 48.14 |
مايو 2025 | مستوى أعلى | مستوى أعلى | مستوى أعلى |
العوامل الداعمة لاستمرار تحسن سعر الدولار مقابل الجنيه المصري
لا تتوقف أسباب تحسن سعر الدولار مقابل الجنيه المصري عند السياحة والتحويلات فقط، بل تشمل أيضًا الآتي:
- تحسن جذب الاستثمارات الأجنبية نتيجة استقرار السوق المحلي
- السياسات الاقتصادية التي ركزت على زيادة الصادرات وتقليل العجز التجاري
- التحكم في التضخم من خلال إجراءات نقدية ومالية مدروسة
- مراقبة أسعار صرف العملات بفعالية من البنك المركزي للحفاظ على ثبات الجنيه
يُظهر سوق الصرف الحالي قدرة الجنيه المصري على مقاومة التقلبات العالمية في سعر الدولار معتمداً على أساسيات قوية من الداخل، ما يمنح الاقتصاد المصري فرصة أفضل للنمو المستدام وتحقيق الاستقرار النقدي.
إن استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يرتبط بشكل وثيق بالتوازن بين العوامل المحلية والدولية، وخاصة مع استمرار الدعم المكثف من تدفقات النقد الأجنبي، ما يعزز الاقتصاد ويثبت أسس العملة الوطنية في مواجهة تقلبات الأسواق العالمية.