لماذا تفشل خرائط غوغل في هذا البلد الآسيوي رغم تقدم التكنولوجيا؟

تواجه ملايين السياح في كوريا الجنوبية مفاجأة كبيرة عند محاولة استخدام تطبيق خرائط غوغل، إذ لا يعمل التطبيق بشكل كامل هناك، ويضطر المستخدمون للجوء إلى تطبيقات محلية مثل Kakao Map وNaver Map لتعويض النقص في مميزات التنقل. تعود هذه المشكلة إلى رفض الحكومة الكورية تزويد غوغل ببيانات الخرائط الدقيقة، ما يضع خرائط غوغل في تحدٍ فريد وسط التطور التقني الكبير في البلاد.

سبب عدم عمل خرائط غوغل بشكل كامل في كوريا الجنوبية

يرجع السبب الرئيسي لعدم توفر بيانات خرائط غوغل بدقة عالية في كوريا الجنوبية إلى المخاوف الأمنية التي تطرحها الحكومة، حيث ترفض تسليم غوغل خرائط بمقياس 1:5000 بدعوى حماية المواقع العسكرية والمنشآت الحساسة من الكشف. تُجبر هذه السياسة المستخدمين على تحميل تطبيقات مثل Kakao Map وNaver Map، التي تقدم معلومات أقل دقة وتفصيلاً مقارنة بخرائط غوغل. الوضع يجعل التنقل في كوريا مرهقًا بالنسبة للكثيرين، إذ يتطلب الاعتماد على عدة تطبيقات للوصول إلى الوجهة المطلوبة، خلافًا لما اعتادوا عليه في بلدان أخرى.

الخلفية التاريخية والسياسية لخلاف خرائط غوغل في كوريا الجنوبية

بدأ الخلاف بين غوغل والحكومة الكورية في عام 2008 عندما أدرجت غوغل أسماء مواقع كورية بالاسم الياباني، مما أثار حفيظة المواطنين بسبب التاريخ المحتدم بين البلدين. ومنذ تلك اللحظة، ازدادت التوترات حول أسماء المواقع وحدودها على الخرائط الرقمية. أصدرت كوريا في 2010 خريطة رقمية بمقياس 1:25,000 متاحة للعامة، تعتمد عليها غوغل اليوم، لكنها لا تسمح بحساب طرق القيادة أو المشي. وتحتاج غوغل إلى نسخة أدق صدرت عام 2016 لكن القانون يمنع تصديرها بدون موافقة حكومية، وهذه الموافقة لم تأت بعد بسبب القلق الأمني والسيادة الرقمية، بالإضافة إلى المنافسة القوية بين تطبيقات الخرائط المحلية.

الأبعاد الاقتصادية والسياسية وتأثيرها على خرائط غوغل في كوريا

تُعتبر قضية خرائط غوغل في كوريا جزءًا من صراع واسع يشمل السيادة الرقمية والهيمنة على سوق التطبيقات المحلية. الشركات الكورية مثل Kakao وNaver تخشى أن تفقد حصتها في السوق حال السماح لغوغل بالوصول الكامل للبيانات، ولهذا صارحت السلطات بعدم عدالة منح غوغل امتيازات تتجاوز التزامات هذه الشركات بالقوانين المحلية. على الجهة المقابلة، ترى الحكومة أن المكسب الاقتصادي محدود ولا وجود لضغوط شعبية تفرض تقديم تنازلات. يجري حاليًا تقييم طلب غوغل من قبل لجنة حكومية تضم وزارات عدة، وما زال مصير هذه الطلبات مرتبطًا بالمفاوضات السياسية والاقتصادية الأوسع مع الولايات المتحدة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويؤجل الحلول المحتملة.

تظل هذه القضية مثالًا بارزًا على مدى تعقيد العلاقة بين التقنية والسيادة الوطنية، إذ يتقاطع فيها الأمن، الاقتصاد، والسياسة لتُبقي خرائط غوغل محدودة القدرات في دولة تُعرف بتفوقها الرقمي، ما يجعل تجربة التنقل في كوريا مختلفة تمامًا عن معظم دول العالم.