
يُعتُبر سباق جائزة إسبانيا الكبرى مرادفًا للسباقات الرتيبة، لكنّ الأمور تغيّرت قليلًا في الأعوام الأخيرة.
ورغم أن حلبة برشلونة-كاتالونيا تُعدّ من المسارات المعروفة للسائقين، إذ استُخدمت منذ 1991، إلا أنّ توقف استخدامها كموقعٍ لاختبارات ما قبل الموسم قلّل من كمّ البيانات المتاحة للفرق، خصوصًا فيما يتعلّق بسلوك الإطارات.
ودخل عنصر آخر يؤثر على الاستراتيجية هذا العام ويتمثّل في التوجيه التقنيّ الجديد الذي يُقيّد استخدام الأجنحة الأمامية المرنة عبر اختبارات تحميل ثابتة أكثر صرامة. ورغم أن هذه الأجنحة المرنة كانت تقلّل الجرّ وتُحسّن السرعة القصوى، إلا أن فائدتها الأكبر كانت في تقليل تغيّرات التوازن الحادة التي تُعاني منها سيارات الجيل الحالي ذات التأثير الأرضي، لا سيّما في المنعطفات المتوسطة.
ويمنح ذلك السائقين ثقة أكبر في المنعطفات ويُساعد في الحدّ من تآكل الإطارات. لكن ومع غياب بيانات السباق التمثيلية، لم يكن هناك رد فعل قوي في البادوك على تأثير هذا التوجيه الجديد.
وقال مدير رياضة السيارات في بيريللي ماريو إيزولا بعد الحصة التأهيلية إن الأحمال الجانبية ازدادت، لكن الزمن لم يتحسن سوى بعُشرين من الثانية، موضّحًا: “هناك حمل أكبر، لكن ذلك لا يُترجم إلى أداء أعلى… وإذا فكّرت بذلك، ستفهم ما أعنيه.”
مزيج من كل شيء
تتميز حلبة برشلونة بطبقة سطحية خشنة، وخطوط مستقيمة طويلة نسبيًا، ومجموعة منعطفات بسرعات متنوّعة، إضافة إلى منطقتي دي آر اس، إحداهما تمر فوق تلة ومنعطف أيمن، ما يفرض ضغطًا كبيرًا على الإطارات.
ورغم أن بيريللي اختارت تركيبة أنعم في عدة جولات هذا الموسم، إلا أنها فضّلت استخدام الثلاثة الأقسى “سي1″، و”سي”2، و”سي3” في برشلونة.
ومع ذلك يبدو أن السباق سيتجه نحو استراتيجيات التوقفين، إذ أظهرت التجارب أنّ تركيبة “سي1” تفتقر للتماسك، ما يؤدي إلى انزلاق السيارات وتآكل مبكر. كما أن صعوبة إيجاد توازن مناسب باستخدام هذا الإطار دفعت معظم الفرق إلى الاعتماد على “سي2″ و”سي3” في تجارب الجمعة.
وأوضح كبير مهندسي بيريللي سيموني بيرا: “تُحاول الفرق حماية المحور الخلفي، لكن ينتهي بها الأمر بإرهاق المحور الأمامي أيضًا، ما يؤدي إلى خسارة في الأداء في كلا المحورين”.
وأضاف: “رأينا أنّ تركيبة سي1 تُظهر تماسكًا ضعيفًا، والسيارة تبدو غير متّزنة تحت التوجيه في المنعطفات البطيئة، مع انزلاق في الخلف عند السرعات العالية”.
لهذا السبب، تركّز الفرق على تركيبتي “سي2″ وسي3” من أجل جمع بيانات عن حدود التآكل. ويُعدّ أداء كلتا التركيبتين متقاربًا جدًا، إذ أنّ إطار “سي3” يمنح تماسكًا أعلى لكنه يتآكل أسرع قليلًا، في حين أن “سي2” أكثر ثباتًا لكنه أقل تماسكًا.
كم عدد التوقفات، ومتى؟
اعتمد معظم السائقين استراتيجيات التوقفين في سباق العام الماضي، مع استخدام “سوفت-ميديوم-سوفت”، وكانت توقفاتهم الأولى بين اللفة 13 والـ17. لكن ذلك السباق تأثر كثيرًا بالانطلاقة، عندما دخل فيرستابن ونوريس في صراع، ما سمح لجورج راسل بخطف الصدارة من الخارج.
لكن بالدخول إلى نسخة هذا العام، فلا يملك سائقو الصدارة سوى مجموعة واحدة جديدة من الإطارات اللينة، وسيرجّح استخدامها في البداية لأهمية الموقع على الحلبة، فيما ستكون النافذة الأولى للتوقف بين اللفات 11 و13 تقريبًا، ومن يتوقف قبل ذلك سيكون في ورطة.
وتتّجه جميع الأنظار أيضًا نحو السائقين خلف ثنائي مكلارين، حيث يمكن أن يقتنص أحدهما، كما فعل راسل العام الماضي، فرصة في حال اشتباك ثنائي الصدارة.
وهنا يظهر شارل لوكلير كورقة مجهولة. سيبدأ أصيل موناكو سباقه من الصف الرابع خلف هاميلتون، لكنه يملك ميزتين فريدتين: افتقد لمجموعة جديدة من الإطارات اللينة في التصفيات، لكنه احتفظ بمجموعتين جديدتين من إطارات ميديوم.
قد يسمح له ذلك باعتماد استراتيجية مختلفة: بدلًا من “سوفت-ميديوم-سوفت” مثل الباقين، قد يختار “سوفت-ميديوم-ميديوم” أو حتى إدخال الإطار القاسي لاحقًا حسب تطور حالة المسار.
وقد أشار إيزولا إلى أن البعض يدرس خيار “سوفت-هارد-ميديوم”، نظرًا لكون وقود السيارة في الثلث الأوسط أعلى وزنًا، وبالتالي يمكن الاستفادة من إطار ميديوم في نهاية السباق.
وقال في هذا الصدد: “سمعت بعض الفرق تقول إن إطارات هارد قد تتحسّن مع تطور المسار وتُقدّم أداءً أفضل مع تراجع الانزلاق، لكن مَن المحق؟ لا نعلم بعد. هذا هو التحدي”.
ماذا لو أمطرت؟
ستحتاج التيارات الجوية العليا لتغيّر جذري في مسارها لكي تشهد برشلونة هطول أمطارٍ غزيرةً يوم السباق — وهو أمر نادر جدًا في هذه الجولة.
فمنذ انتقال السباق إلى فصل الربيع، نادرًا ما شهدت الحلبة ظروفًا مبلّلة، ويعود آخر سباق مبلل حقًا إلى عام 1996، حين قاد مايكل شوماخر ببراعة لا تُضاهى ليفوز بفارق 45 ثانية، في سباق يُعدّ من أفضل ما قدمه في مسيرته.
لكن في 2024، تبقى التوقعات ثابتة: طقس مشمس، سباق جاف، وخيارات استراتيجية قد تُصنع عبر الفروقات الدقيقة في استخدام الإطارات — وهنا قد يكون لدى لوكلير الورقة الرابحة.
في هذه المقالة
ابقَ على اطلاع دائم واشترك الآن للحصول على تحديثات إخبارية عبر البريد الإلكتروني تُرسل إليك في الوقت الفعلي حول هذه الموضوعات!
اشترك في التنبيهات الإخبارية