ضغط كبير.. لماذا يُعدّ عيد الميلاد أكثر الأسابيع ضغطاً على سوق الديزل وتأثيره على الأسعار؟
تتزايد أهمية الديزل بشكل ملحوظ خلال موسم الأعياد، إذ يرتفع الطلب على نواتج التقطير لتشغيل الشاحنات والمخازن والموانئ وسلاسل التبريد ومولدات الطاقة الاحتياطية، في ظل ظروف تشغيل شتوية قاسية، ما يجعل الاستقرار في سوق الديزل مسألة حيوية للحفاظ على انسيابية الخدمات اللوجستية. ويعد هذا الزخم الموسمي اختباراً حقيقياً لهوامش الأمان في أسواق الديزل خاصة في أوروبا التي تعاني من شح الإمدادات.
كيف يؤثر موسم الأعياد على سوق نواتج التقطير والديزل عالمياً
تتضاعف الحاجة إلى نواتج التقطير، وفي مقدمتها الديزل، في شهري نوفمبر وديسمبر في الولايات المتحدة، ليس فقط بسبب حرارة التدفئة، بل بسبب الذروة في حركة الشحن والتوزيع، ما يؤدي إلى انخفاض مخزونات الديزل إلى مستويات قريبة من الحد الأعلى للنطاق بعد جائحة كورونا كما تظهر بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)؛ حيث تدور الإمدادات حول 4.0 ملايين برميل يومياً والمخزونات بين 110 و115 مليون برميل، وهو دون المتوسطات التاريخية التي تغطي بداية موسم الشتاء. هذا الواقع يقلص هامش الخطأ ويجعل نظام الإمدادات حساساً لأي اضطراب في هذا التوقيت الحرِج، ويزداد الضغط بشكل خاص مع ازدياد حجم النشاط اللوجستي في أسابيع نهاية العام.
أسباب تضييق سوق الديزل في أوروبا وضغوط الإمدادات خلال موسم الأعياد
يعاني سوق الديزل في أوروبا من ضغوط تركيبه هيكلية؛ إذ بعد فقدان تدفقات الديزل الروسية، تعتمد المنطقة بشكل كبير على مستوردات طويلة المسافة من خليج الولايات المتحدة والهند والشرق الأوسط، وهو ما يؤدي إلى تأخير وصول البراميل وزيادة التنافس على طاقة النقل نفسها المستخدمة في نقل البضائع الأخرى. ويتجلى تأثير عيد الميلاد في أن الطلب في هذه الفترة لا يخضع لقواعد السعر؛ فخدمات التوصيل وسلاسل التبريد وإعادة التزويد تتوسع وتزداد بشكل مباشر مرتبط بالحركة الفعلية للبضائع، فالطرود تستمر بالتحرك رغم تقلص الهوامش، وأي تأخير قد يترتب عليه خسائر فادحة في المبيعات، تلف المخزون، وضرر بالسمعة. ويعكس التفاوت بين فروق الأسعار الورقية وأسعار البراميل الفعلية في الأسواق الأوروبية هذا التشوه الذي يتفاقم مع تعاظم الطلب اللوجستي في ديسمبر.
دور المصافي الأمريكية وصادرات الديزل وتأثيرها في استقرار سوق نواتج التقطير
تُظهر بيانات استخدام المصافي أن مصافي ساحل خليج الولايات المتحدة تعمل بمعدلات تشغيل تفوق 90% في الربع الرابع، مع أولوية لإنتاج الديزل رغم تراجع هوامش البنزين، ما يقلص مرونة النظام ويهدد استقراره أمام أي أعطال أو قيود نقل. وفي الوقت نفسه، تُشكل الولايات المتحدة المورد الحاسم لإمدادات الديزل الأوروبية عبر صادرات تصل إلى 1.3 مليون برميل يومياً، ولا تتوقف هذه الصادرات حتى في موسم الأعياد. وتؤدي عوامل عديدة مثل حالات الضباب في ممر هيوستن، العواصف بالمحيط الأطلسي، أو الازدحام في موانئ أوروبا إلى مضاعفة خطر الاضطرابات في هذه المرحلة، حيث تقل هوامش الأمان لدى المشترين الأوروبيين وتنخفض المخزونات. ومع محدودية الطاقة الفائضة للتكرير، تستمر هشاشة سوق الديزل رغم ثبات أسعار النفط الخام في النطاق المحدود، إذ يظهر هذا السوق مرارًا كأول مؤشر على الضغط في منظومة الطاقة.
| العامل | تأثيره على سوق الديزل في موسم الأعياد |
|---|---|
| ارتفاع الطلب الموسمي | زيادة استهلاك نواتج التقطير لتشغيل الخدمات اللوجستية والاحتياطات |
| انخفاض المخزونات | تقليص هامش الأمان أمام الاضطرابات |
| توقف أو تأخير الصادرات الأمريكية | زيادة حدة نقص الإمدادات في أوروبا |
| اعتماد الأنظمة على الديزل رغم التحول الكهربائي | تعطيل النظام في أوقات الذروة بسبب محدودية البنية التحتية الكهربائية في الطقس البارد |
على الرغم من التقدم في التحول للطاقة الكهربائية، إلا أن ذروة الخدمات اللوجستية في موسم الأعياد تبقى متعلقة بالديزل؛ فالطقس البارد يؤثر سلباً على أداء المركبات الكهربائية، وتُفاقم قيود الشحن والحمولة مشكلة الاعتماد على البطاريات، لذلك تلجأ الأساطيل إلى الديزل أثناء هذه الفترة. وعليه، يصبح النظام معتمداً على النفط والغاز تحديداً في اللحظة التي يكون فيها أكثر عرضة للضغوط. كما تظهر الأسواق المحلية تقلبات مزدوجة؛ إذ تشير أسعار خام برنت المنخفضة إلى وفرة غير حقيقية في حين تعاني أسواق الديزل ضيقاً كبيراً، الأمر الذي يكشفه موسم عيد الميلاد بشكل واضح.
تظهر الأسواق في أسابيع عيد الميلاد سيولة ضعيفة مع انخفاض نشاط التداول، ما يجعل مشاكل سوق الديزل أكثر حدة ولا تظهر بالكامل عبر مؤشرات العقود الآجلة الرئيسية، بل أولاً في فروق الأسعار المحلية وتأخيرات التسليم؛ لذا فإن الاضطرابات في نهاية العام تبدو مفاجئة بالرغم من وجود إشارات تحذيرية غير واضحة. ومع بداية عام جديد، تظل هشاشة أسواق الديزل مهيمنة بفعل انخفاض مخزونات نواتج التقطير، الاعتماد المتزايد على الصادرات، وقلة الطاقة الفائضة للمصافي، مما يعزز الضغط على منظومة الطاقة العالمية في هذه الفترة التي يُطلق عليها باحترافية أن «سانتا يعمل بالديزل».
