مفاجآت الجمعة.. مظاهر عناية الإسلام بالطفولة تبرز في نص الخطبة غدًا لنمو أجيال صحية ومستقرة

تُظهر مظاهرُ عنايةِ الإسلامِ بالطفولة مدى حرص هذا الدين العظيم على بناء الإنسان منذ لحظة تكوينه الأولى، حيث تبدأ العناية بل وتؤسس لحياة جديدة قبل أن يولد الطفل، مرورًا برعايته بعد الولادة، ثم حماية مستمرة من كل أشكال الانتهاك والضياع؛ وهذه الرؤية الشاملة تعكس التزام الإسلام بحقوق الأطفال وأهميتها في بناء مجتمع سليم ومتزن.

الاهتمام الإسلامي بالطفولة قبل الولادة وتأثير المناخ الأسري

لا يبدأ الإسلام حقًا في التفكير برعاية الطفل بعد ولادته، بل يعطي أهمية كبرى للعناية بالطفل حتى قبل أن تُنفخ فيه الروح؛ فالنشأة تبدأ في بيت صحي متدين ومستقر، لأن الظروف الاجتماعية والدينية التي يُولد فيها الطفل تشكل الأساس لتكوينه النفسي والخلقي. يحرص الإسلام على اختيار الزوجة المتدينة والصالحة أساسًا لنشأة الطفل، كما ورد في الحديث الشريف: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا…”

ثم يؤكد الإسلام على مسؤولية الأب والأم في تربية الطفل ورعايته، عبر نصوص صريحة تحث على عدم التهاون في هذا الواجب العظيم، كقوله تعالى: “كُلُّكُمْ راعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”، لتوضح أن الإهمال في رعاية الطفل يفتح الباب لانحرافه وضياعه. كما يشدد الدين على حفظ حق الحياة للجنين، فالاعتداء عليه جريمة لا تقف عند حد الفرد بل تمس حرمة المجتمع بأسره.

العناية بالطفل بعد الولادة: التربية برحمة وحقوق واضحة

يحتضن الإسلام الطفل بعد ولادته برحمة وتربية متوازنة، دون قسوة أو إهمال، ويضع مبادئ واضحة للتعامل مع براءة الطفولة وحساسيتها. يعتبر رسول الله ﷺ الرحمة أساسًا في هذه العملية، حيث “مَن لا يَرحمْ لا يُرحمْ”، والتربية الناعمة هي التي تصنع شخصية مستقرة ومنضبطة. تؤكد السنة النبوية على أهمية الاعتراف بمشاعر الطفل، وعدم السخرية منها، وأبرز الأمثلة في السيرة النبوية توضح كيف كان الحبيب ﷺ يعامل الصغار بمحبة وحنان، مثل حمله لابنة زينب أثناء الصلاة.

التربية الفعلية تشمل تعويد الطفل على العبادة منذ الصغر بتدرج حكيم، فالإسلام لا يطالب الطفل بحمل مسؤولية أكبر من طاقته، وإنما يبدأ بالتعليم بالرفق، مع فرض قواعد واضحة عند بلوغ سن معينة لضمان توازن بين الرحمة والانضباط. ويجعل الإسلام النفقة والرعاية المعيشية جزءًا لا يتجزأ من هذه العناية، فلا يمكن أن يُطالب الطفل بالطاعة وهو يعاني من الجوع أو الحرمان.

حماية الطفولة من المخاطر المعاصرة: الألعاب الإلكترونية وأثرها السلبي

مع التطورات الحديثة، يحذر الإسلام من مخاطر جديدة تهدد الطفولة، خصوصًا الألعاب الإلكترونية التي قد تتحول إلى إدمان يدمر عقول وأعمار الأطفال، ويسلبهم براءتهم تدريجيًا. الأصل أن الترويح عن النفس مباح بشرط ألا يلحق ضررًا، لكن تتحول اللعبة إلى خطر عندما تؤدي إلى تعطيل فروض مثل الصلاة، أو تغرس السلوكيات العنيفة، أو تزرع العزلة والتوتر.

الواجب على الوالدين والمجتمع أن يحموا الأطفال من هذه المخاطر بضوابط صارمة تشمل:

  • تحديد أوقات مخصصة لاستخدام الأجهزة الإلكترونية مع منعها في غرف النوم
  • اختيار الألعاب الملائمة للعمر والمحتوى المناسب
  • توفير بدائل واقعية كالرياضة، والقراءة، وتلاوة القرآن، وممارسة المهارات
  • مشاركة الأبوين في حياة الطفل الرقمية لفهم محتوى الألعاب وتوجيهه
  • استخدام الرقابة التقنية لضبط وقت اللعب والمحتوى
  • التعامل التدريجي مع حالات الإدمان دون إهانة أو قسر

كما يؤكد الإسلام على ضرورة التربية على ضبط النفس والعزيمة، ويحث على البحث عن الخير في كل مراحل التعليم والنشأة، لأن الطفل الذي يُترك وحيدًا أمام طرق التضييع يصعب حفظه من الانحراف.

بهذا المنهج المتكامل، بين بناء البيت الصالح، والرعاية الرحيمة، والحماية الحكيمة، يُشكل الإسلام إطارًا راسخًا يحفظ الطفولة ويصونها، ويمنع انفلاتها في بحار الانحدار المجتمعي، ليظل الطفل كما أراده ديننا، إنسانًا مفعمًا بالأمل، متزنًا منسجمًا مع نفسه ومجتمعه.

كاتب لدي موقع عرب سبورت في القسم الرياضي أهتم بكل ما يخص الرياضة وأكتب أحيانا في قسم الأخبار المنوعة