“الأيام نيوز” تكشف الحقيقة .. تحريف وجهة منحة السفر وأسواق خفية تديرها وكالات سوداء

تُعد منحة السفر في الجزائر حقًا مكفولًا للمواطن، يهدف أساسًا إلى تسهيل التنقل وقضاء العطل خارج الوطن ضمن إطار قانوني، إلا أن هذا الحق تحوّل خلال فترة قصيرة إلى ملف اقتصادي وإداري معقّد يستدعي إعادة النظر في آلية تطبيقه وتوجيهه. تظهر التطورات الأخيرة كيف تحوّل هذا الامتياز إلى مساحة استغلال تربط بين ممارسات غير قانونية وثغرات تنظيمية استغلتها أطراف متعددة خارج الغاية الأصلية لمنحة السفر، مما دعا السلطات إلى التشديد على شروط الاستفادة وإعادة ضبط المسار بما يحافظ على الحقوق ولا يسمح بالانحراف.

التحولات الاقتصادية والتنظيمية في ملف منحة السفر وأثرها على الاقتصاد المحلي

بدأت معطيات رسمية تكشف عن تحول منحة السفر من حق يرتبط بالسياحة العائلية والتنقل الفردي إلى نشاط جماعي منظم، يتسم بعقد رحلات مكثفة يديرها وسطاء محترفون خاصة وكالات الأسفار، التي لم تعد تلعب دور مزود الخدمة فحسب، بل أصبحت محورًا مركزيًا لإعادة توجيه هذه المنحة ضمن عمليات مالية موازية. تكشف البيانات التي طرحت داخل البرلمان عن دخول آلاف الحافلات إلى تونس في فترات غير موسمية، في إطار يرتبط بـ”سفر شكلي” يتم ختم جوازات السفر فيه دون قضاء الإقامة القانونية أو إنفاق حقيقي، ما يحول المنحة إلى أداة عبور مالي سريعة لا تعود بالفائدة على اقتصاد الجزائر أو الوجهة السياحية.

شبكات السمسرة ودور وكالات الأسفار في استغلال منحة السفر بشكل غير قانوني

اكتسبت منحة السفر بعدًا اقتصاديا واجتماعيا معقدًا نتيجة تدخل شبكات وسطاء غير رسمية استغلت الفراغات القانونية؛ حيث برزت وكالات الأسفار كشريك أساسي في تصميم وتنظيم رحلات قصيرة مبرمجة بدقة بهدف استخراج الاستفادة القصوى من المنحة، دون مراعاة الغاية السياحية المعلنة. هذه الجهات تقوم بتسهيل تحركات أعداد ضخمة، مستغلة فئات اجتماعية من العاطلين عن العمل، حيث تستخدم المسافرين كغطاء لإتمام دورة متكررة تدر ربحًا غير مشروع في السوق الموازية، ما يهدد الاقتصاد الوطني ويستنزف العملة الصعبة دون مردود فعلي.

الإجراءات الجديدة لبنك الجزائر لضبط مسار منحة السفر وضمان حق السفر المشروع

لمواجهة التحايل والتجاوزات، أطلقت السلطات تعليمات بنكية حديثة تضمنت ربط منحة السفر بالحسابات البنكية، وإلغاء التعاملات النقدية، وفرض الإقامة الفعلية لفترات محددة، إلى جانب تعزيز آليات المراقبة والتتبع المالي. تهدف هذه الإجراءات إلى إعادة هندسة سلوك السفر بما يكفل استعمال المنحة في مقصدها الطبيعي، ويحد من توقيع شركات السفر وشبكات السمسرة، كما يعكس التوجه حرصًا على حماية الحق في التنقل وعدم المساس به، مع تأمين الاستخدام الفعلي للعملة الصعبة في الاقتصاد الوطني. يؤكد خبراء أن نجاح هذه الخطوة يتطلب سهولة الإجراءات وتوفير الشفافية، لضمان وصول المنحة لمستحقيها دون تعقيد أو استغلال.

الممارسات السابقة الإجراءات الجديدة التأثير المتوقع
تنقل مجموعات كبيرة في رحلات قصيرة بدون إقامة فعلية فرض مدة إقامة محددة مرتبطة بالمنحة تقليل التنقلات غير السياحية وتعزيز تحقيق الهدف السياحي
تعاملات نقدية غير مراقبة تسهل التسرب المالي ربط المنحة بالحسابات البنكية وإلغاء النقدية تحسين إمكانية التتبع المالي والحد من السوق الموازية
استغلال فئات هشّة وشبكات وساطة ضوابط صارمة وشروط استفادة مشددة حماية المواطنين من الاستغلال وتعزيز العدالة الاجتماعية

تظهر التجربة الأخيرة أن منحة السفر، بالرغم من كونها حقًا مكرسًا للمواطنين، يجب أن يُعاد تصميم آليات تطبيقها بشكل دقيق لمنع استغلالها غير المشروع، إذ إن التداخلات القائمة بين المصلحة الاقتصادية والتنظيمية ألقت ظلالًا على الهدف الأصلي. لا يقتصر الأمر على ضبط العمليات المالية، بل يتعدى ذلك إلى إعادة بناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات، وتعزيز دور البنوك كجهات مراقبة تشرف على سير العملية بطريقة شفافة وفعالة. يبقى التحدي في المحافظة على حق السفر المشروع، مع القضاء على شبكات الاستغلال التي حولته إلى نشاط موازٍ يضر بالاقتصاد ويستنزف الموارد دون مردود حقيقي.

كاتب لدي موقع عرب سبورت في القسم الرياضي أهتم بكل ما يخص الرياضة وأكتب أحيانا في قسم الأخبار المنوعة