انفصال غير مسبوق.. صراع أسعار الذهب في اليمن يكشف فجوة مذهلة بين عدن وصنعاء

شهدت أسعار الذهب في اليمن بين الشطرين تباينًا حادًا تجاوز 200%، ما زاد من أعباء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، إذ بلغ سعر جرام الذهب عيار 21 في عدن 196 ألف ريال، مقابل 64.5 ألف ريال فقط في صنعاء، وهذا الفرق يعادل راتب موظف حكومي لشهرين كاملين، مما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اليمنيون.

تباين أسعار الذهب في اليمن بين الشطرين وأزمته الاقتصادية العميقة

يسلط التفاوت الكبير في أسعار الذهب بين شمال اليمن وجنوبه الضوء على أزمة اقتصادية واجتماعية حادة تضرب الداخل، فبينما يعاني المواطنون في الشطر الجنوبي من ارتفاع الأسعار الفاحش، يعيش الشطر الشمالي واقعًا مختلفًا تمامًا بسبب أسعار الذهب المنخفضة. يشارك أحمد العدني من عدن تجربته التي تلخص معاناة كثيرين: “كنت أخطط لشراء خاتم ذهب لخطيبتي، لكن سعر الجرام الواحد يعادل راتبي لشهرين كاملين”، وهذه الحالة ليست استثنائية بل تعكس الضغوط التي تواجه الطبقة المتوسطة. أما على الجانب الآخر، يرى سالم التاجر في تقلبات الأسعار بين الشطرين فرصة لرياح الأرباح السريعة، إذ يؤكد أن هناك ربحًا كبيرًا لمن يمتلك الجرأة ورأس المال للاستفادة من الفارق السعرى، بينما السوق العالمية تشهد ارتفاع الذهب لمستويات قياسية تجاوزت 4242 دولارًا للأوقية، مضفية بعدًا مختلفًا على أزمة الشطرين، حيث تبدو العدن وصنعاء كأنه عالمان متوازيان.

العوامل المؤثرة في تباين أسعار الذهب في اليمن بين الشطرين وتأثيراتها الاجتماعية

يرتبط التباين الحاد في أسعار الذهب بالحرب القائمة منذ 2014 وما تبعها من انقسامات سياسية واقتصادية شديدة؛ حيث أدى انهيار قيمة الريال اليمني، خاصة في الجنوب، إلى لجوء السكان إلى الملاذات الآمنة كالذهب، مما رفع الطلب وأسعار المعدن النفيس بصورة غير مسبوقة. يشرح الخبير الاقتصادي د. محمد الصراف أن هذه الظاهرة تشبه التباين الذي حصل تاريخيًا بين ألمانيا الشرقية والغربية، إلا أن الأوضاع في اليمن أكثر تعقيدًا وتأثيرًا على حياة الناس اليومية. ويشير إلى أن استمرار هذا التفاوت سيبقى قائمًا ما لم تُتخذ خطوات سياسية تركز على توحيد العملة والحالة الاقتصادية. أما على المستوى الاجتماعي، فتؤثر الفروق بشكل مباشر على العادات والتقاليد، كما تشير الصائغة فاطمة إلى أن الزبائن الذين يحاولون شراء الذهب لمناسبات كالأعراس يغادرون محبطين بسبب الفارق الكبير في الأسعار، مما يعكس أزمة الطبقة الوسطى ويقود إلى تفاقم الحالة النفسية. ومع هذه التحديات، يحذر خبراء الاقتصاد من أن هذا التباين يشجع على نشاطات التهريب بين الشطرين، بينما يستغله بعض المستثمرين كفرصة للاستثمار طويل الأمد بسبب قدرة الذهب على حماية الأموال من التضخم المرتفع.

مستقبل أسعار الذهب في اليمن بين الشطرين ورؤى للوحدة الاقتصادية والتنمية

لا ينحصر السؤال في توقيت تراجع أسعار الذهب، بل يتجاوز ذلك إلى إمكانية توحيد الأسعار بين الشطرين ومتى يمكن أن تحدث وحدة سياسية واقتصادية فعلية في البلاد. تعكس الفروقات الحالية واقع دولة ممزقة، إلا أن الذهب يظل رمزًا للقيمة والثبات، وقد يشكل جسرًا يعيد ترتيب ما دمرته الانقسامات السياسية. في هذا السياق، يظل الحل الحقيقي معلقًا بالإرادة السياسية التي تكفل إنهاء الصراعات وإقامة وحدة اقتصادية مستدامة تضمن استقرار اليمن وتحسن معيشة شعبه وسط التحديات والصراعات المستمرة.

المناطق سعر جرام الذهب عيار 21 (ريال يمني)
عدن 196,000
صنعاء 64,500
  • انهيار الريال اليمني في المناطق الجنوبية
  • ارتفاع الطلب على الذهب كملاذ آمن
  • انقسام سياسي واقتصادي حاد منذ 2014
  • تأثيرات اجتماعية واقتصادية على الطبقات المتوسطة
  • فرص استثمارية مقابل مخاطر تهريب وانتعاش السوق السوداء

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.