محمد علي السيد يكتب.. عن العشاق : أسرار الحب وأسئلته التي لا تنتهي

الموسيقى الاستثنائية لأم كلثوم وشغف عشاقها في مصر والوطن العربي

يُعد شغف عشاق صوت أم كلثوم في مصر والوطن العربي علامة مميزة في تاريخ الفن والهوى الشعبي، حيث جذب حضور حفلاتها المختلفة شرائح المجتمع كافة من الطبقات والأعمار والجنسيات، وامتد عشاقها ليشملوا كبار المسؤولين والملوك ورجال الفكر والأدب. جاء هذا الشغف متناغماً مع صمود ومحبة جمهورها الذي رافقها في كل مراحل حياتها الفنية.

حب وتفانٍ لا ينضب لعشاق صوت أم كلثوم في القاهرة ومدن الوجه البحري

في بداية العشرينات من القرن الماضي، كان حضور عشاق أم كلثوم في قرى ومدن الوجه البحري في مصر صادقاً ومتميزاً، حيث كانوا يحضرون قطار الدلتا ويجلسون في الدرجة الأولى رغم امتلاكهم لتذاكر الدرجة الثالثة، تقديراً لصوتها الذي كان يُغني فيه أهل القرى والنجوع. هؤلاء العشاق رافقوها منذ بداياتها وحتى نهايتها، متحمسين ومشجعين لا ينقطعون، إذ كان ديوان القطار محطتهم التي تجمع المسؤولين والأعيان ليستمتعوا بصوتها الساحر حتى تصل لقريتهم ومولداتهم. هذا الشغف كان منطلق أول لروابط وفاء لا تنكسر بين العاشق وأم كلثوم، وهو ما ظل مستمراً لعقود طويلة.

تنوع عشاق أم كلثوم وأهمية حضورهم في حفلاتها الشهرية بالقاهرة

شهدت العاصمة القاهرة توافد أعداد هائلة من عشاق أم كلثوم في كل حفلة شهرية تقام في الليلة الأولى من يوم الخميس، والتي تبدأ عند العاشرة مساءً وتمتد حتى مطلع الفجر، حيث يشاهدها جمهور متنوع يشمل رجال ونساء، من العرب وغيرهم، ومن كافة الطبقات والجنسيات. في الصفوف الأولى للحفلات، يجتمع الأدباء والشعراء، المفكرون والمثقفون، التجار والموظفون، بالإضافة إلى الملوك ورجال الحكم، كلهم معنويًا وجسديًا يرتبطون بحبها المتأصل، يتابعون كل جديد في حياتها الشخصية والفنية ويتفاعلون مع كل كلمة أو نغمة بغرام وحماس يفوق الوصف. ويمتاز هؤلاء العشاق بالدعم اللامحدود الذي يعزز حماسها للتفوق والاجادة، مما يؤكد أن حضورها لا يقتصر على جمهور عابر بل هو رابطة وجدانية عميقة.

تجارب وسلوكيات عشاق أم كلثوم تكشف علاقة حب تتميز بالولاء والذوق الفني الرفيع

تظهر خصائص عشاق أم كلثوم بوضوح أثناء الحفلات، فمنهم الرومانسي الرقيق الذي يعبر عن حزنه وشغفه بحركات بسيطة كاللمس والخجل، أو العاشق العصبي الذي ينفجر حماساً ويشجع بصوت عالٍ، وأكثرهم من يردد الأغاني بانسجام واندماج، وهناك من يثير ضحك الجمهور بحركات مرحة ترفع من طقوس الحفل. كما تجسد أماكن الجلوس الثابتة لهذا الجمهور، الذين لا يفرطون في مقاعدهم رغم الغياب، عمق ارتباطهم. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك شخصيات مثل الحاج حافظ الطحان ومحمد الزقازيقى وحافظ العمدة وغيرهم ممن رافقوا أم كلثوم عمراً طويلاً، مقدمين لها الوزن الاجتماعي والدعم المستمر والمكافآت الرمزية التي تعكس تقديرهم الكبير لها، سواء بحضور الحفلات أو تقديمة هدايا مهما كانت بسيطة.

العام التكريم والوسام الجهة المانحة
1935 نيشان وسام النيل الملك فؤاد الأول
1944 وسام الكمال من الدرجة الأولى الملك فاروق الأول
1946 نيشان الرافدين فيصل ملك العراق
1955 وسام الأرز كميل شمعون – لبنان
1958 وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى الرئيس جمال عبد الناصر
1968 جائزة الدولة التقديرية وجواز سفر دبلوماسي الجمهورية العربية المتحدة
1972 لقب فنان الشعب الرئيس أنور السادات

تُعد أوسمة وتكريمات الحكام الدائمين علامة مشرقة على العشق الفني الكبير الذي حظيت به أم كلثوم بين الشعوب والحكام، مثل وسام الكمال ونيشان الرافدين، الأمر الذي يبرز مكانة هذا الصوت الساحر في المشهد الثقافي العربي والعالمي، وتعزيز الروابط الوطنية والإنسانية من خلال فن يتجاوز الحدود. إذ كانت أغانيها – بصياغتها الموحدة وفستانها ومنديلها وأوركستراها – تؤسس لجسر يربط بين الشعوب في كل مكان، فتتوقف حركة المرور في عواصم الشرق الأوسط عندما تُذاع أغانيها، ويصمت الزمان ليستمع الجميع بانسجام.

حكاية عشاق صوت أم كلثوم هي أكثر من مجرد اجتماع في الحفلات؛ هي تجسيد لعلاقة متينة لبذل الحب والإعجاب والتقدير لا يزول مع الزمان، بل تتجدد مع كل نغمة وكل كلمة تنبع من ذلك الصوت الذي ظل شعلة تضئ دروب الملايين.

كاتب لدي موقع عرب سبورت في القسم الرياضي أهتم بكل ما يخص الرياضة وأكتب أحيانا في قسم الأخبار المنوعة