تغيرات مفاجئة .. الفضة تشتعل وتتحول إلى الاستثمار الأبرز لعام 2024

ارتفعت أسعار الفضة بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، مما أثر بشكل مباشر على قرارات إصدار العملات الفضية التذكارية في ألمانيا، حيث توقفت وزارة المالية عن إصدار عملتين كانتا مخصصتين للاحتفال بعيد الميلاد وقطارات المونوريل بسبب تراجع الجدوى الاقتصادية الناتجة عن هذا الارتفاع الكبير.

تأثير ارتفاع أسعار الفضة على إصدار العملات الفضية التذكارية بألمانيا وتأجيل الإطلاق الاقتصادي

شهد أكتوبر ارتفاعاً سريعاً لأسعار الفضة، حيث تجاوزت قيمة الأونصة الواحدة 53 دولاراً، مما أدى إلى تجاوز القيمة السوقية للعملتين الفضيتين الألمانيّتين لفئتي 20 و25 يورو قيمتهما الاسمية بفارق كبير كما أوضحت وزارة المالية الألمانية؛ ما شكل سبباً قوياً لتوقيف إصدار هذه العملات تزامناً مع الصعود القوي في أسعار الفضة التي وصلت لاحقاً إلى 63.86 دولاراً للأونصة بعد خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لمعدلات الفائدة، ويُعد هذا الارتفاع ملحوظاً بتضاعف قيمتها تقريباً مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، كما تفوق على ارتفاع أسعار الذهب، وهو أمر غير معتاد في الأسواق المالية.

الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع أسعار الفضة وتأثيراتها على الأسواق العالمية المعقدة

تعود أسباب صعود أسعار الفضة إلى عوامل متعددة تجمع بين زيادة الطلب الصناعي خصوصاً من قطاعات السيارات الكهربائية وتقنيات الرقائق الإلكترونية، والقيود الجديدة على التعدين التي فرضها البيت الأبيض بتصنيف الفضة كسلعة استراتيجية، مما أثار مخاوف فرض رسوم جمركية على الاستيراد، إضافة إلى ارتفاع التكديس في الولايات المتحدة وخلق فجوات سعرية بين الأسواق العالمية مثل لندن ونيويورك، وسط شائعات عن تدخل مالي يهدف لاستغلال هذه الفروقات، مما يذكّر بتشوهات سعرية حدثت عام 1980 عندما حاول الأخوان هانت السيطرة على السوق.

مواقف المستثمرين وأسواق التجزئة حول ارتفاع أسعار الفضة ودورها كأداة تحوط فعالة

زاد توجه المستثمرين نحو الفضة كأصل استثماري نظراً لتعدد استخداماتها خلافاً لبعض الأصول المضاربية، وذلك من خلال دعم الطلب عبر أسواق التجزئة ورغبة المستثمرين في الاستفادة من الفرص المتاحة، خاصة مع تنامي قطاعات الذكاء الاصطناعي إلى جانب الذهب والعملات الرقمية، كما ساهمت التغيرات في أسعار الفائدة طويلة وقصيرة الأجل التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي في تعزيز الطلب على السبائك كوسيلة تحوط ضد التضخم وتراجع قيمة العملات الورقية، رغم تأكيد وزير الخزانة الأمريكي على استقرار الدولار وأمان سندات الخزانة كمخزن للقيمة، ولا بد من الإشارة إلى أن الفضة تتميز بتقلبات كبيرة تُعرف بـ«صانعة الأرامل» بسبب الخسائر الحادة التي يمكن أن تحدث كما في حادثة الأخوان هانت عام 1980.

تشير التطورات الأخيرة إلى حالة من التوتر والتقلب في الأسواق، وسط حيرة بشأن تحركات الإدارة الأمريكية المقبلة بخصوص الاحتياطي الفيدرالي والسياسات الجمركية، مما جعل توقّف إصدار العملة الفضية التذكارية في ألمانيا مثالاً واضحاً على تأثير ارتفاع أسعار الفضة والتحديات الاقتصادية المصاحبة في الوقت الراهن.