اتفاق ميركوسور.. أوروبا تقترب من القرار النهائي وسط انقسامات وقلق المزارعين المتزايد

بدأت أغلبية دول الاتحاد الأوروبي بالميل لموافقة قريبة على اتفاق ميركوسور للتجارة الحرة بين دول الاتحاد وأمريكا الجنوبية (الأرجنتين، البرازيل، باراغواي، والأوروغواي) قبل نهاية العام الجاري، وسط انقسام واضح وقلق متزايد لدى المزارعين الأوروبيين. هذا الاتفاق يمثل نقطة تحول استراتيجية في العلاقات الاقتصادية بين القارتين، لكنه يثير جدلاً واسعًا على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

تفاصيل اتفاق ميركوسور وسط تحفظات المزارعين الأوروبيين

رغم الدفع القوي نحو إقرار اتفاق ميركوسور داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، تتصاعد المخاوف لدى مزارعي أوروبا من فتح حصص استيراد لحوم الأبقار والأرز والسكر من أمريكا الجنوبية، لما لذلك من تأثير على أسواقهم المحلية. حُددت حصة استيراد لحوم البقر عند 99 ألف طن فقط، ما يعادل 1.6% من استهلاك الاتحاد السنوي، نصفها للحوم المجمدة، أي بمعدل «شريحة لحم واحدة» للفرد سنويًا؛ وهو ما ينطبق تقريبًا على الأرز والدواجن والسكر. وللحد من أي ضرر محتمل، أدرجت المفوضية الأوروبية آلية حماية تسمح بفتح تحقيقات وتعليق الاستيراد إذا حدثت زيادة غير متوقعة في الكميات أو تراجع حاد في الأسعار، وهي آلية استحدثت بناءً على طلب فرنسا لدعم المزارعين.

كيف يدعم اتفاق ميركوسور الاقتصاد الأوروبي والتوظيف

تُعد هذه الاتفاقية فرصة لخلق سوق مشتركة تضم نحو 700 مليون مستهلك بين أوروبا وأمريكا اللاتينية، ما يعزز مكانة الاتحاد في مواجهة المنافسة المتصاعدة مع الولايات المتحدة والصين. الاتفاق يهدف إلى رفع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دول الميركوسور بنسبة تصل إلى 39%، ما يعادل حوالي 50 مليار يورو سنويًا ويدعم ما يقارب 450 ألف وظيفة أوروبية. علاوة على تقليل الرسوم الجمركية على 90% من المنتجات المتبادلة، بما يشمل قطاعات مهمة كالأجبان، السيارات، الملابس، والأحذية. الاتفاق ينص أيضًا على الاعتراف بـ350 مؤشرًا جغرافيًا محميًا للمنتجات الأوروبية في أمريكا الجنوبية، ما يعزز حماية العلامات التجارية والمنتجات التقليدية.

الدفع السياسي والاعتراضات على اتفاق ميركوسور داخل البرلمان الأوروبي

على الرغم من الأغلبية الأوروبية المؤيدة للاتفاق، إيمانويل ماكرون بدل موقفه من الرفض المطلق إلى القبول بشروط تحفظ مصالح الاتحاد الأوروبي، بعد نجاحه في إدخال تنازلات مهمة. غير أن رفض الاتفاق ظل قائمًا في داخل البرلمان الأوروبي، حيث يحاول نحو 60 نائبًا من تيارات مختلفة إحالة الاتفاق إلى محكمة العدل الأوروبية للطعن في قانونيته، ويركزون على آلية تعويض الأطراف إذا ألغى أحدهم ميزة من الاتفاق. ومن المتوقع أن يكشف تصويت البرلمان على هذه المسألة مؤشرات حاسمة حول ميزان القوى السياسي قبل التصديق الرسمي المتوقع في عام 2026.

البند التفاصيل
الدول المشاركة في الميركوسور الأرجنتين، البرازيل، باراغواي، الأوروغواي
حصة استيراد لحوم البقر 99 ألف طن (1.6% من الاستهلاك السنوي)
نسبة إلغاء الرسوم الجمركية 90% من المنتجات المتبادلة
الزيادة المتوقعة في صادرات الاتحاد 39% (~50 مليار يورو)
صندوق تعويض المزارعين 6.3 مليارات يورو

يُعد اتفاق ميركوسور اختبارًا حقيقيًا لدور الاتحاد الأوروبي الاقتصادي والجيوسياسي، ليعزز من موقعه التجاري على خارطة الاقتصاد العالمي متجاوزًا تحديات الهيمنة الكبيرة من قِبل الصين والولايات المتحدة؛ متوازياً مع محاولة الحماية والاعتراف بمصالح الفئات المتضررة داخليًا. هذه المعادلة السياسية والاقتصادية تبرز اختلاف المواقف داخل الاتحاد، لكنها مع ذلك تقرّب أوروبا أكثر نحو تبادل تجاري واسع ومستدام مع أميركا الجنوبية تناسب واقع العولمة المتسارع.

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.