غموض مستمر.. مرحلة صعبة تهدد طاقة الرياح البحرية بسبب غياب الدعم الاقتصادي والسياسي
تُواجه طاقة الرياح البحرية مرحلة حرجة تهدد استمراريتها بسبب غياب الدعم الاقتصادي والسياسي رغم إمكانات بحر الشمال البارزة، حيث تتمتع بسرعات رياح تزيد عن 9 أمتار في الثانية تُعد من الأفضل عالميًا لتوليد الطاقة. مع ذلك، شهدت الحكومة الألمانية هذا الصيف إخفاقًا في جذب عروض لتطوير موقعين رئيسيين لطاقة الرياح البحرية، خلافًا لاتفاقيات ضخمة سابقة مثل تلك التي أبرمتها شركتا “بي بي” و”توتال إنرجيز” قبل عامين بقيمة 12.6 مليار يورو لتطوير مزارع رياح في بحر الشمال وبحر البلطيق.
تداعيات غياب الدعم على مستقبل طاقة الرياح البحرية
شهد قطاع طاقة الرياح البحرية تراجعًا واضحًا في الحماسة الاستثمارية، ويتجلى ذلك في توقف المشاريع نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وتعثر سلاسل التوريد مما أجبر المطورين على إعادة تقييم جدوى المشروعات؛ علاوة على ذلك تضاؤل الدعم السياسي، خاصة في الولايات المتحدة التي شهدت تعليق التصاريح ومحاولات من جهات عدة لعرقلة التوسع في هذا المجال. أشار سفين أوترمولن، المسؤول في شركة الطاقة الألمانية “آر دبليو إي”، إلى أن قطاع طاقة الرياح البحرية يمر بفترة حرجة بسبب هذه العوامل. وتشير التقارير إلى إلغاء 24.1 غيغاواط من اتفاقيات طاقة الرياح البحرية خلال عام 2023، وهو ما يمثل فقدان قدرة كبيرة كان من الممكن أن تغذي ملايين المنازل، مما يثير تساؤلات جدية عن قدرة الأهداف الحكومية على تحقيق التحول في مجال الطاقة.
العوامل الاقتصادية والسياسية وراء تحديات طاقة الرياح البحرية
تعود الأزمة الحالية في طاقة الرياح البحرية إلى عوامل اقتصادية وسياسية متعددة؛ على رأسها الزيادة الحادة في التكاليف مع ارتفاع الإنفاق الرأسمالي إلى 3 ملايين يورو لكل ميغاواط مقارنة بـ 2.5 مليون يورو في 2022. وقد أدى هذا إلى إلغاء أو تخفيض تقييمات العديد من المشاريع، بينما تجنب المستثمرون والمطورون المزادات الحكومية في عدة دول. من ناحية أخرى، أظهرت شركات النفط مزيدًا من التوسع في استثمارات الوقود الأحفوري، بينما اضطرت شركات تطوير رئيسية مثل أورستيد إلى تقليص القوى العاملة وجمع تمويلات إضافية. هذه التحديات تترافق مع منافسة متزايدة من الطاقات المتجددة الأخرى، وأبرزها الطاقة الشمسية التي تشهد نموًا هائلًا مدعومًا بتكاليف منخفضة ومعوقات تنظيمية أقل.
كيف يمكن لدعم الحكومات أن يعيد الزخم إلى طاقة الرياح البحرية؟
يرتبط مستقبل طاقة الرياح البحرية بشكل وثيق بمدى الدعم المستمر من الحكومات والجهات المعنية، خاصة في ظل ارتفاع التكاليف والتعقيدات التي تواجه سلسلة التوريد؛ فإعادة توفير اليقين الاستثماري تتطلب استراتيجيات سياسية واقتصادية واضحة تشمل:
- تقديم حوافز مالية وتشريعات واضحة تدعم المشاريع الجديدة لتخفيف المخاطر على المستثمرين
- تسهيل إجراءات التصاريح وتقليل الفترات الزمنية لإنجاز المشروعات البحرية
- تشجيع التعاون بين شركات الطاقة المتجددة لتعزيز كفاءة سلسلة الإمدادات وخفض التكاليف
يبقى هذا القطاع من الطاقات المتجددة على مفترق طرق، حيث يعتمد كثيرًا على دعم سياسات تحول الطاقة لمواجهة أزمة التغير المناخي، والتغلب على التحديات الاقتصادية والتقنية لضمان استمرارية النمو وتوفير طاقة نظيفة ومستدامة للأجيال القادمة.