تراجع مفاجئ .. عمالقة السندات ينسحبون من الديون عالية المخاطر ويعيدون تقييم استثماراتهم
بدأت المؤسسات الاستثمارية الكبرى في تقليل تعرضها للديون عالية المخاطر، بعد سنوات من الارتفاع الذي دفع تقييمات هذه السندات إلى مستويات غير واقعية، مما دعا مديري الأصول لإعادة النظر في استراتيجياتهم والتركيز على أدوات استثمار أكثر أمانًا.
لماذا يتجه مدراء الأصول إلى تقليل الاستثمار في الديون عالية المخاطر؟
أعلنت تقارير صادرة من مصادر مالية موثوقة مثل فايننشال تايمز أن شركات ضخمة مثل بلاك روك، إم آند جي، وفيديليتي إنترناشونال تقوم بتحويل استثماراتها نحو السندات الحكومية أو السندات ذات التصنيف الائتماني الأعلى؛ وذلك بعد أن أصبحت عوائد الديون عالية المخاطر أقل جاذبية مقارنة بالمخاطر المتزايدة في السوق، والتي لم تعد مجزية كما في السابق. ويُعزى هذا التحول إلى قناعات عدة منها انخفاض المخاوف المتعلقة بالحروب التجارية، بالإضافة إلى توقعات تخفيض الفائدة الأمريكية، والتي أدت إلى تسعير غير دقيق للمخاطر مع درجة عالية من التفاؤل الاقتصادي.
العوامل التي تؤثر على عوائد الديون عالية المخاطر ومستوى مخاطرها
تسعر الأسواق المالية حالياً ما يسمى بـ”سيناريو غولديلوكس”، حيث يُفترض استقرار النمو الاقتصادي مع بقاء أسعار الفائدة منخفضة، إلا أن بعض الخبراء مثل سيمون بلانديل من بلاك روك يعتقدون أن المعادلة بين المخاطر والعوائد تدعو إلى الحذر وتؤكد ضرورة اتخاذ مواقف دفاعية داخل أسواق الائتمان. وقد لوحظ تقلص فارق العائد على السندات الائتمانية في أمريكا وأوروبا ليصل إلى نحو 0.8 نقطة مئوية فوق السندات الحكومية، وهو مستوى قريب من أدنى مستوياته بعد الأزمة المالية العالمية، ما يقلّص من جاذبيتها. ويؤكد مايك ريدل من فيديليتي أن الهوامش الائتمانية أصبحت ضيقة للغاية، ومستبعد أن تقل أكثر.
الإنذارات المبكرة في أسواق الائتمان عالية المخاطر واستجابات المستثمرين
بدأت تظهر بعض المؤشرات التي تدل على توتر في السوق، منها تقلص الهوامش الائتمانية بسبب تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى انهيار شركة فيرست براندز غروب المتخصصة في توريد قطع غيار السيارات، وتعليق صفقات قروض عالية الرفع مثل صفقة بقيمة 5.8 مليار دولار لشركة نوريون للكيماويات، فضلاً عن انخفاض أسعار القروض منخفضة الجودة. وفيما يخص تسعير المخاطر، يحذر أندريا سيمينارا، الرئيس التنفيذي لشركة ريدهيدغ لإدارة الأصول، من ضيق الفروق في السوق بين الشركات المختلفة، مما يعكس اختفاء التمييز الائتماني ويشجع على تقييم غير دقيق للمخاطر الخاصة بكل شركة.
العلامة | الوصف |
---|---|
صندوق النقد الدولي | تحذير من ارتفاع الديون وتباطؤ النمو وسط تصاعد التوترات التجارية |
فيرست براندز غروب | انهيار يؤثر على توريد قطع الغيار الصناعية |
صفقة نوريون للكيماويات | تعليق صفقة قروض عالية الرفع بقيمة 5.8 مليار دولار |
وعلى الرغم من الحذر السائد، يرى بن لورد مدير صندوق الدخل الثابت في إم آند جي أن عوائد السندات الاستثمارية الأمريكية لا تزال جذابة عند نحو 4.8%، مع تفضيله الاستثمار في السندات المغطاة وأدوات ذات تصنيف مرتفع؛ لأن تكلفة الاستثمار فيها عند أدنى مستوياتها التاريخية. لكن المستثمرين الرئيسيين يتجهون إلى مواقف دفاعية؛ نتيجة لتسعير مفرط للتفاؤل في الأسواق، ومخاوف من أن المخاطر الحقيقية لم تُدرَج بشكل كافٍ في الأسعار الحالية.
يتحوّل اهتمام مديري الأصول بشكل واضح بعيدًا عن الديون عالية المخاطر إلى بدائل أكثر أماناً مثل السندات عالية التصنيف والحكومية، وسط مؤشرات تنذيرية متعددة تعكس بيئة غير مستقرة لا تُبرر مستويات العوائد الحالية، مما يدفع نحو إعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية باتجاه استراتيجيات أكثر تحفظاً.