معرض تاريخي.. الجونة يكشف عن كنوز “جو” احتفالًا بمئوية يوسف شاهين بلقطات تعرض لأول مرة.

يحتفي مهرجان الجونة السينمائي بمئوية يوسف شاهين، أحد أبرز رموز السينما العربية، عبر فعاليات استثنائية تكرم مسيرته الخالدة وتستعيد صوته الإبداعي المتجدد، ويأتي في مقدمة هذا التكريم معرض فني فريد بعنوان “باب الحديد” وجلسة حوارية ملهمة، تستهدف استعراض أثره العميق الذي تركه في وجدان الأجيال الجديدة من السينمائيين والمشاهدين على حد سواء.

تفاصيل معرض باب الحديد في مهرجان الجونة للاحتفاء بمئوية يوسف شاهين

في خطوة فنية لافتة، انطلقت فعاليات الاحتفاء صباح الجمعة مع افتتاح المعرض الفني التفاعلي “باب الحديد” في اليوم الثاني للمهرجان، وهو مستوحى من فيلم المخرج الراحل الذي يحمل الاسم ذاته ويعد علامة فارقة في تاريخ السينما، وقد صُمم المعرض ليقدم للزوار تجربة حسية وبصرية غامرة تتجاوز حدود المشاهدة التقليدية للأعمال الفنية، حيث تم تحويل пространството إلى نسخة طبق الأصل من محطة القطار الأيقونية التي كانت مسرحًا لأحداث الفيلم، مما يتيح للحضور فرصة السير في نفس الأماكن التي تحركت فيها شخصيات شاهين الأسطورية؛ وبهذا يتحول الزائر من مجرد متلقٍ إلى مشارك فاعل في عالم شاهين السينمائي، مستشعرًا الروح التي بثها في كل زاوية.

إن هذه التجربة لا تقتصر على محاكاة المكان فحسب، بل تمتد لتكون رحلة متعددة الطبقات في عقل المخرج الكبير، فمع كل خطوة يخطوها الزائر داخل أروقة المعرض، يجد نفسه وكأنه يستقل قطارًا يعبر به محطات مختلفة من أفلام شاهين الشهيرة، وتتجسد أمامه وجوه شخصياته التي حفرت مكانتها في الذاكرة الجمعية، فالمعرض يدمج بين الصورة والذاكرة والمكان ليخلق حوارًا متجددًا مع إرثه، ويؤكد كيف أن مهرجان الجونة يحتفي بمئوية يوسف شاهين بأسلوب مبتكر يعيد قراءة أعماله بعيون معاصرة، ويقدمها للأجيال الجديدة بشكل يتناسب مع لغة العصر ويحافظ على عمقها وأصالتها.

مهرجان الجونة يحتفي بمئوية يوسف شاهين عبر رؤية فنية معاصرة

يقف خلف هذا العمل الفني المبتكر تعاون مثمر بين شخصيات فنية بارزة، حيث جاء المعرض نتاجًا للرؤية المشتركة بين المخرجة والمنتجة ماريان خوري، التي تشغل منصب المديرة الفنية لمهرجان الجونة السينمائي، والمهندسة المعمارية المبدعة شيرين فرغل، مؤسسة ومديرة شركة “JYStudios” التي تولت مهمة تصميم المعرض وتنفيذه، وقد حظي هذا المشروع بدعم حيوي من جهات ثقافية رائدة، أبرزها شركة أفلام مصر العالمية التي أسسها شاهين بنفسه، ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية التي شاركت كشريك داعم للأثر الثقافي، مما يعكس الأهمية الكبرى التي يوليها المهرجان لهذا الحدث الاستثنائي.

الهدف من هذا التعاون لم يكن مجرد استعادة شكلية لفيلم “باب الحديد”، بل كان أعمق من ذلك بكثير، حيث يسعى المعرض إلى استحضار روح الفيلم عبر دمج لقطات من أفلام شاهين المتنوعة في نسيج سردي وبصري جديد تمامًا، وهذا الدمج يخلق إحساسًا فريدًا لدى الزائر بأن المخرج الكبير حاضر بروحه في المكان، يرافقه في رحلته الاستكشافية، ويقدم له مفاتيح جديدة لفهم عالمه السينمائي الثري، وبهذه الطريقة، فإن مهرجان الجونة يحتفي بمئوية يوسف شاهين ليس فقط كذكرى، بل كفرصة لإعادة اكتشاف عبقريته التي لا تزال تلهم المبدعين حتى اليوم.

فعاليات مصاحبة لتكريم إرث شاهين السينمائي في الجونة

لا تقتصر احتفالات المهرجان على المعرض الفني فقط، بل تمتد لتشمل برنامجًا سينمائيًا غنيًا يعكس تأثير شاهين الممتد، حيث يعرض المهرجان فيلم “إسكندرية كمان وكمان”، الذي يعد من أهم أفلام السيرة الذاتية في السينما العربية، ليتيح للجمهور فرصة جديدة للتواصل مع الجانب الشخصي من مسيرته الإبداعية، وإلى جانب ذلك، يسلط المهرجان الضوء على الأثر الذي تركه شاهين على تلاميذه من خلال عرض أربعة أفلام مهمة لمخرجين عرب استلهموا من روحه المتمردة ورؤيته الفنية، وتتضمن قائمة الأفلام المختارة:

  • فيلم “نهلة” للمخرج فاروق بلوفة من الجزائر (1979).
  • فيلم “السينما العربية الفتية” للمخرج فريد بوغدير من تونس (1987).
  • فيلم “عصفور السطح” للمخرج فريد بوغدير من تونس (1990).
  • فيلم “وداعًا فوران” للمخرج داوود أولاد السيد من المغرب (1998).

واستكمالًا لهذا التكريم، ينظم المهرجان جلسة حوارية خاصة تحت عنوان “رحلة مع الأستاذ: من عدسته إلى عوالمهم الخاصة”، وهي ندوة تجمع ثلاثة من أبرز المخرجين الذين تأثروا بمنهجه الفني، وهم يسري نصر الله، وفريد بوغدير، وداوود أولاد السيد، وتتيح هذه الجلسة منصة لمناقشة إرث يوسف شاهين وكيف أثرت لغته البصرية الفريدة على أعمالهم، وكيف فتحت سينماه الباب أمام سينما الاعتراف والتأمل الذاتي التي تتناول قضايا الوطن والعالم بعمق وجرأة.

يؤكد هذا البرنامج المتكامل أن احتفاء مهرجان الجونة بمئوية يوسف شاهين هو حدث ثقافي عميق يهدف إلى استعادة إرث المخرج الكبير وتقديمه بشكل حيوي للأجيال الحالية، لتبقى أعماله مصدر إلهام لا ينضب للمبدعين في كل مكان.

صحفي يغطي مجالات الرياضة والثقافة، معروف بمتابعته الدقيقة للأحداث الرياضية وتحليلاته المتعمقة، بالإضافة إلى اهتمامه بالجانب الإنساني في القصص الثقافية والفنية.