ثورة شبابية.. لهذا السبب قد يختفي واقي قصبة الساق من ملاعب كرة القدم للأبد

يشهد تاريخ واقيات قصبة الساق تحولًا جذريًا في ملاعب كرة القدم الحديثة، فبعد أن كانت درعًا أساسيًا لا غنى عنه لحماية اللاعبين من الإصابات الخطيرة، بدأت أهميتها تتراجع بشكل ملحوظ بين الجيل الجديد من النجوم الذين يفضلون أحجامًا أصغر، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذا العنصر الوقائي الذي قد يصبح مجرد ذكرى من الماضي.

لماذا يتخلى اللاعبون الجدد عن واقيات قصبة الساق التقليدية؟

بدأت شرارة الجدل مؤخرًا عندما نشر نادي برايتون صورة رمزية تحت عنوان “الحاضر والمستقبل” عبر منصاته الاجتماعية، حيث جمعت الصورة بين القائد المخضرم جيمس ميلنر، البالغ من العمر 39 عامًا، واللاعب الصاعد هاري هاول الذي يصغره بـ22 عامًا، ورغم أن الهدف كان الاحتفاء باللاعب الشاب بعد تسجيله هدفه الأول، إلا أن الصورة لفتت الأنظار لسبب مختلف تمامًا؛ لقد كشفت عن الفجوة الكبيرة في كيفية تعامل الأجيال المختلفة مع واقيات قصبة الساق، فبينما ظهر ميلنر بواقٍ تقليدي طويل يغطي الساق بالكامل مع بطانة واسعة للكاحل، كان واقي هاول صغيرًا بالكاد يُرى، وهو توجه يتبعه العديد من اللاعبين المعاصرين مثل نجم مانشستر سيتي جاك غريليش، الذي يشتهر بارتداء واقيات صغيرة للغاية، مما يعكس تيارًا شبابيًا يميل نحو تقليل حجم هذه القطعة الوقائية.

رحلة تاريخ واقيات قصبة الساق من الإصابة إلى الإلزام

بالعودة إلى الأصول، فإن أول استخدام موثق لواقيات الساق كان في عام 1874 على يد صموئيل جونسون، مدافع نادي نوتنغهام فورست، الذي كان أيضًا لاعب كريكت، فبعد معاناته من كسر في الساق، قرر جونسون قص واقيات الكريكت الخاصة به وتكييفها لتناسب لعب كرة القدم، بهدف حماية ساقه من إصابات مستقبلية، وهذه الفكرة التي ولدت من رحم المعاناة الشخصية تحولت تدريجيًا على مدار القرن العشرين إلى قطعة أساسية لا غنى عنها في عتاد لاعبي كرة القدم، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من سياسات الحماية المعتمدة داخل الملعب، ومع حلول عام 1990، اتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” خطوة حاسمة بفرض استخدامها بشكل إلزامي ضمن تحديث شامل لقوانين اللعبة، ليتحول هذا الابتكار الفردي إلى قاعدة عالمية.

قوانين الفيفا ومسؤولية اللاعبين عن أهمية واقيات قصبة الساق

لم يكن قرار الفيفا بجعل استخدام واقيات قصبة الساق إلزاميًا مجرد إجراء شكلي، بل جاء متزامنًا مع تزايد الحديث عن الدعاوى القانونية المحتملة التي قد يرفعها اللاعبون المصابون ضد الأندية أو الاتحادات، بحسب ما أشار إليه كيث هاكيت، أحد كبار الحكام السابقين المدرجين في قائمة الفيفا، ولم يقتصر القلق على الحماية المباشرة من الإصابات الواضحة مثل الجروح، الكدمات، أو حتى الكسور؛ بل امتد ليشمل مخاوف من انتشار الأمراض التي تنتقل عبر الدم، مما جعل الواقي ضرورة صحية وأمنية، ومع ذلك، فإن نصوص قوانين الفيفا لم تقدم تعريفًا دقيقًا لمواصفات الواقي، فالمادة 4.2 من القانون تنص على شروط عامة تضع المسؤولية على اللاعب.

  • يجب أن تكون مصنوعة من مادة مناسبة توفر حماية كافية.
  • يجب أن يكون حجمها ملائمًا لقصبة ساق اللاعب.
  • يتحمل اللاعب المسؤولية الكاملة عن اختيار حجم وملاءمة الواقي.

ويكشف أحد أخصائيي العلاج الطبيعي في الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن قرار اللاعبين بشأن حجم ونوع الواقي يعتمد غالبًا على عوامل شخصية بحتة مثل المزاج العام أو حتى الخرافات، أكثر من اعتماده على الموضة أو معايير الحماية الفعلية، ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن الدوري الإنجليزي الممتاز لا يفرض على اللاعبين ارتداء واقيات الساق خلال الدورات التدريبية، وهو ما قد يقلل من أهميتها في أذهانهم ويجعلهم أكثر ميلًا لاختيار الأحجام الصغيرة خلال المباريات الرسمية.

وهكذا، يبدو أن مستقبل واقيات قصبة الساق التقليدية أصبح في مفترق طرق بين القوانين التي تفرض وجودها لحماية اللاعبين، وبين ثقافة جديدة يقودها اللاعبون أنفسهم الذين يمنحون الأولوية للراحة والحرية في الحركة.

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.