أزمة التموين في العراق.. لماذا تبقى البطاقة التموينية حلًا بعيد المنال للفقراء؟

ارتفاع عدد الفقراء في العراق تجاوز 10 ملايين نسمة يتزامن مع أزمة حقيقية في تأمين مفردات البطاقة التموينية التي تعتمد عليها ملايين العائلات لتلبية احتياجاتها الأساسية، وسط تضخم أسعار المواد الغذائية وتحديات إدارية تزيد من تفاقم الأزمة.

تحديات البطاقة التموينية ومشاكل توفير الدعم الغذائي في ظل ارتفاع الفقر في العراق

عانت العائلات العراقية خلال السنوات الأخيرة من تراجع واضح في فعالية البطاقة التموينية بسبب نقص المواد الغذائية المدعومة، رغم الاعتماد الكبير عليها كمصدر رئيس لسلة غذاء الأسر. ويروي العامل لطيف كاظم (59 سنة) تجربة مريرة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية من جهة ونقص مستمر في أضلاع البطاقة التموينية من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن المواد الأساسية مثل الطحين، والأرز، والزيت، والسكر تتوفر بتفاوت كبير خلال العام، ويُقتطع من المواطن مبلغ رمزي مقابل سلع قليلة مقارنةً بارتفاع الأسعار الحاد في السوق. وتحاول وزارة التجارة العراقية توزيع حزمة محدودة شهريًا بآلية بدأت منذ عام 1990 لتخفيف آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة سابقًا، لكن ما بعد عام 2003 شهد تراجعًا ملحوظًا في تنظيم هذا الدعم، مع ظهور أسماء وهمية تستلم المواد الغذائية، وتدخلات سياسية ساهمت في فساد مالي وإداري عرقل وصول الدعم بشكل منتظم إلى مستحقيه.

الأسباب السياسية والبرلمانية لتراجع دعم البطاقة التموينية وأثرها على دعم الفقراء في العراق

يرى عضو البرلمان العراقي عارف الحمامي أن ضعف الاستجوابات البرلمانية التي تستهدف وزارة التجارة كان له أثر مباشر على استمرار مشكلات توزيع مفردات البطاقة التموينية؛ لعدم وجود إرادة سياسية واضحة من الكتل في المجلس، إضافةً إلى عدم تصويت البرلمان على تشكيل لجانه المكلفة بمتابعة ملفات الأمن الغذائي. وتشكل هذه الثغرات سببًا رئيسًا في غياب الرقابة والمتابعة الحقيقية لبرامج الدعم، وهو ما يتسبب في تفاقم معاناة الأسر محدودة الدخل وسط الأزمة الاقتصادية والزيادة المستمرة في أعداد الفقراء الذين تجاوزوا 10 ملايين وفق دائرة الرعاية الاجتماعية. علاوة على ذلك، تُشير تقارير اقتصادية إلى أن الفساد المالي والإداري داخل وزارة التجارة هو نتاج مباشر للمآرب السياسية، ما يجعل تأمين تلك المواد مجهول المصير برغم تخصيص الموازنات المالية اللازمة.

حلول مقترحة لتعزيز البطاقة التموينية في العراق والتعامل مع ارتفاع الفقر

يطالب المختصون والاقتصاديون بإعادة النظر في آليات دعم البطاقة التموينية، حيث يقترح الدكتور علي هادي جودة استبدال الدعم السلعي بدعم نقدي يُربط بمؤشرات التضخم والتغير في أسعار السلع الأساسية، ليكون أكثر مرونة في مواجهة تقلبات الأسواق وحماية القوة الشرائية للفئات الهشة. كما يقترح الباحث عمر الحلبوسي تحويل ملف البطاقة التموينية إلى القطاع الخاص العراقي، مؤكدًا أن القطاع الخاص يملك القدرة على الاستجابة السريعة وتوفير حاجات السوق بأسعار وجودة مناسبة مع وجود رقابة صارمة لمنع الاحتكار أو الاستغلال السياسي. ومع ذلك، يظل الخزين الغذائي موضوعًا حساسًا، حيث تؤكد وزارة التجارة العراق عدم وجود نقص في المخازن، إلا أن تقارير اقتصادية مثل تصريحات منار العبيدي تؤكد أن التخزين لا يغطي سوى شهر واحد لسلع مهمة كالطحين، وأن الأزمة في زيت الطعام ترتبط بحروب عالمية تعقّد الاستيراد، ما يعزز أهمية اعتماد حلول جذرية ومستدامة.

البند الوضع الحالي المقترحات
توفير مفردات البطاقة التموينية نقص وتفاوت شهري؛ فساد إداري وسياسي تحسين الرقابة؛ اعتماد دعم نقدي مرن
الرقابة البرلمانية عدم جديّة استجواب المسؤولين؛ عدم تصويت على اللجان تفعيل الرقابة وتشكيل لجان متابعة
دور القطاع الخاص التوزيع حكومي بالكامل مع مشاكل فساد تحويل الإدارة للقطاع الخاص مع ضوابط صارمة
التخزين الغذائي مخزون محدود يغطي الشهر فقط لبعض المواد رفع القدرة التخزينية وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.