القرار المفاجئ .. الشريف يحذر من إغلاق سوق المشير وتأثيره على بيع الدولار في الخفاء
بدأ مصرف ليبيا المركزي اتخاذ خطوات لإدارة أزمة السوق الموازي والعمل على استقرار سعر الصرف، وسط تحديات كبيرة تتعلق بعدم التنسيق مع مؤسسات الدولة الأخرى، وهو ما يؤثر على فاعلية السياسات النقدية والاقتصادية. تعتبر سوق الصرف الليبي في وضع معقد بسبب المضاربين وانخفاض الالتزام بالضوابط الرسمية، بينما تسعى الحكومة والمصرف المركزي لمواجهة هذا الواقع من خلال إجراءات متعددة.
تحديات إجراءات مصرف ليبيا المركزي في مواجهة السوق الموازي وتحقيق استقرار سعر الصرف
يمثل مصرف ليبيا المركزي اللاعب الأساسي في محاولته لكبح جماح السوق الموازي، حيث قام باتخاذ عدد من الإجراءات التصحيحية التي تهدف إلى تنظيم السوق والسيطرة على المضاربة ، ومن أبرز هذه التدابير تنظيم شركات الصرافة التي باتت تلعب دورًا متزايدًا لكنها لا تزال غير قادرة على مضاهاة حجم السوق الموازي الضخم. اعتماد الحكومة على فتح باب شركات الصرافة وتنظيم توزيع السيولة يمثل استراتيجية قصيرة الأجل للحد من الفجوة السعرية بين السوق النقدي والسوق الرسمي، لكن هذه الخطوات تحتاج إلى المزيد من الوقت والجهود لتحقيق نتائج محسوسة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العميقة التي خلفتها أكثر من عقد من الانهيارات المالية والإنفاق العشوائي غير المنضبط.
دور شركات الصرافة في السوق الموازي والتحديات المتعلقة بتطبيق ضوابط مصرف ليبيا المركزي
تعتبر شركات الصرافة من الأدوات التي يعتمد عليها المصرف المركزي لتقليل حجم السوق الموازي، إذ أُقر لها سقف ربح بنسبة 7٪ للمحافظة على ضبط الأنشطة. إلا أن الالتفاف على هذه القرارات لا يزال مشكلة حقيقية؛ البعض يستغل التنظيم الضعيف لتحقيق أرباح أكبر من خلال التعامل بأسعار غير رسمية وتجاوز الحدود المقررة في التحويلات المالية. يمثل ذلك أحد العوامل التي تغذي نشاط المضاربين وتزيد من زعزعة الاستقرار النقدي؛ وعليه، يبرز أهمية تفعيل أجهزة رقابية واضحة وقوية داخل هذه الشركات، إضافة إلى إعداد مفتشين ذوي كفاءة ونزاهة عالية. كما أن وجود إدارة مركزية متخصصة داخل المصرف تكون مسؤولة تمامًا عن أعمال النقد والمصارف يشكل عاملًا أساسيًا للحد من الفوضى التي يشهدها السوق، خصوصًا أن الحلول التقنية وحدها لا تكفي من دون قدرة تنفيذية متماسكة.
أهمية التنسيق الوطني وتحديات الإغلاق القسري لسوق الصرف الموازي في ليبيا
تشكل قنوات الإنفاق الحكومي المتعددة وتداخل الجهات الرقابية مع المضاربين عقبات رئيسية أمام نجاح أية إجراءات تهدف إلى استقرار سعر الصرف، ولا يمكن لمصرف ليبيا المركزي بمفرده أن يتحكم في مجمل المتغيرات التي تؤثر على السوق. وتعتمد الاستقرار الحالي على توقف الإنفاق الحكومي، فما إن يُستأنف الإنفاق تزيد الضغوط ويصحح السعر نحو مستويات مرتفعة قد تصل إلى 9 أو 10 دنانير للدولار الواحد. من جهة أخرى، يُعد إغلاق سوق العملة الموازي المعروف في طرابلس “المشير” خطوة تحدث بدون بدائل مُجدية، وهي في الواقع قد تزيد من تعقيد الأزمة بإعادة تنشيط السوق في الخفاء وبطرق يصعب مراقبتها، خصوصًا مع انتقال التداول إلى منصات واتساب وغيرها من وسائل الاتصال غير الرسمية. كما أن تخصيصات المصرف المركزي المالية لبعض المناطق، مثل برقة وبنغازي، تبقى متواضعة للغاية مقارنة بحجم الاحتياجات، مما يعوق تحقيق التوازن النقدي ويزيد من أعباء المواطنين.
البند | الأرقام والتفاصيل |
---|---|
ضخ العملة الأجنبية لأغراض شخصية | 1.7 مليار دولار |
ضخ العملة المطلوب للاعتمادات المستندية | 2 مليار دولار |
سيولة شحنات إلى المصارف التجارية | 3 مليارات دينار |
وصول العملة الجديدة إلى بنغازي | 300 مليون دينار |
تخصيص من المصرف لمنطقة برقة (بنغازي) | 300 مليون دينار |
تشير المعطيات إلى أن جزءًا كبيرًا من السيولة النقدية في ليبيا لا يزال خارج النظام المصرفي، مع ضعف الثقة في البنوك والخدمات الإلكترونية، مما يجعل التعامل النقدي السائد يشكل تحديًا في ضبط السوق. كما تشكل الاختلافات الكبيرة بين واردات البلاد الرسمية والمستوردة فعليًا عن طريق السوق الموازي مؤشرًا على حجم التدفقات غير الرسمية لاستخدام الدولار، ما ينشط المضاربة ويؤدي إلى استنزاف الموارد الأجنبية بشكل متزايد، خصوصًا عبر الاعتمادات المستندية والطلبات الاستهلاكية الشخصية. التواصل بين الجهات المسؤولة ضرورة ملحة، ويستلزم تشكيل حكومة موحدة وغير معنية بالمحاصصة السياسية للتركيز على الإصلاح المالي والاقتصادي الحقيقي، إذ إن استمرار العقلية القائمة على المزج بين المال والمنصب يغذي الفساد ويزيد من مشاكل البطالة وتقلب الأسعار، ما يعرقل عملية إعادة توازن الاقتصاد الليبي بشكل عام.