تقارير طبية تعلن سبب وفاة الجزائري أحمد طالب الإبراهيمي والسيرة الذاتية لمعتقل ثورة التحرير 1957
فقدت الجزائر اليوم أحد أبرز رجالاتها التاريخيين، بوفاة الوزير والدبلوماسي السابق أحمد طالب الإبراهيمي عن عمر ناهز 93 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالنضال والعمل الوطني والسياسي امتدت لأكثر من ستة عقود.
ابن العالم والمجاهد
وُلد الإبراهيمي عام 1932 في ولاية برج بوعريريج، وهو نجل الشيخ البشير الإبراهيمي أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. نشأ في بيئة علمية محافظة، تشرب منها روح الوطنية والعروبة، وهو ما انعكس على مسيرته اللاحقة في خدمة البلاد.
من مقاعد الجامعة إلى ساحات النضال
التحق الإبراهيمي بجامعة الجزائر في نهاية الأربعينيات، ثم انخرط في العمل الوطني مبكرًا، حيث شارك في تأسيس اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين الذي لعب دورًا حاسمًا في الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي. وفي عام 1957 اعتُقل من قبل سلطات الاحتلال بسبب نشاطه السياسي، قبل أن يُفرج عنه عام 1961.
مهندس التعريب وبناء الهوية الوطنية
بعد استقلال الجزائر عام 1962، شغل الإبراهيمي عدة مناصب وزارية، أبرزها وزارة التعليم العالي والثقافة والإعلام في عهد الرئيس هواري بومدين. وقد عُرف حينها بأنه مهندس مشروع تعريب التعليم في الجزائر، إذ كان يرى أن اللغة العربية تمثل الركيزة الأساسية لهوية البلاد واستقلالها الثقافي.
دبلوماسي بحنكة
تولى لاحقًا حقيبة وزارة الخارجية في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد، بين عامي 1982 و1988، حيث مثّل الجزائر في العديد من المحافل الدولية، ودافع عن مواقفها السياسية بصلابة، خاصة في القضايا العربية والإفريقية.
انسحاب ثم عودة إلى المشهد
مع بداية التسعينيات، ابتعد أحمد طالب الإبراهيمي عن الحياة السياسية، لكنه عاد لاحقًا مترشحًا للانتخابات الرئاسية عام 1999، قبل أن ينسحب احتجاجًا على ما وصف بـ”تزوير الانتخابات”. كما أسس حزب “الوفاء” الذي لم يُمنح الترخيص القانوني، ما دفعه للتركيز على الفكر والكتابة، فأصدر عدة كتب تناولت قضايا الهوية والسياسة والمجتمع.
موقف وطني حتى آخر لحظة
خلال الحراك الشعبي عام 2019، برز اسم الإبراهيمي كأحد الرموز التي نادت بالحوار والإصلاح السلمي، ودعا الجيش إلى دعم تطلعات الشعب نحو الديمقراطية، رافضًا الانقسام وداعيًا إلى وحدة الصف.
برحيل أحمد طالب الإبراهيمي، تطوي الجزائر صفحة من صفحاتها التاريخية المضيئة، لرجل جمع بين فكر المثقف ونضال المجاهد وحكمة السياسي، وظل حتى آخر أيامه وفيًا لوطنه، صادق الانتماء، ثابت المبدأ.