انطلاقة قوية.. مصر تتحول إلى مركز عالمي لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة لتعزيز مكانتها الاقتصادية وتنمية قطاع التصنيع المحلي

تشهد صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر نموًا كبيرًا جعلها محور اهتمام المستثمرين الأجانب، مُستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وسياسات الحكومة المشجعة على الاستثمار، بالإضافة إلى بنية تحتية متطورة تدعم هذا القطاع الحيوي. هذا التطور يعزز مكانة مصر في الأسواق العالمية ويجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية.

ارتفاع صادرات الملابس الجاهزة وأثرها على الاقتصاد المصري

حقق قطاع الملابس الجاهزة نموًا ملحوظًا في صادراته خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، حيث وصلت القيمة إلى 1.939 مليار دولار، مسجلًا زيادة بنسبة 26% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ويعزى هذا الارتفاع إلى الطلب المتزايد من الأسواق الأوروبية بنسبة 46% والأسواق الأفريقية بنسبة 71%، إلى جانب الأسواق الأمريكية والسعودية التي استمرت وجهات رئيسية للصادرات بقيمة إجمالية بلغت 1.7 مليار دولار؛ في الربع الأول من نفس العام سجل القطاع صادرات بقيمة 1.028 مليار دولار مع نمو 22%، وشهد شهر أبريل وحده زيادة بنسبة 25%، وتتوقع الدراسات أن يصل حجم السوق النسيجي المصري إلى 9.68 مليار دولار بنهاية 2025، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.13%، مستفيدًا من اتفاقيات التجارة الحرة التي تسمح بالوصول التفضيلي للأسواق العالمية.

استثمارات الشركات العالمية في صناعة الملابس الجاهزة بمصر وفرص العمل

تشهد مصر اهتمامًا متزايدًا من الشركات العالمية التي تتطلع إلى الاستثمار في صناعة الملابس الجاهزة، حيث تلقت غرفة صناعة الملابس طلبات من حوالي 60 شركة دولية، أغلبها من تركيا والصين؛ ففي مارس 2025، حصلت مجموعة “Jiangsu Guotai” الصينية على أرض في غرب القنطرة بقيمة 10 ملايين دولار لإنشاء مصنع قادر على توفير 2000 فرصة عمل وإنتاج 4 ملايين قطعة ملابس سنويًا، كما استحوذ صندوق “Amethis Fund III” على حصة أغلبية في مجموعة “Kazareen Textile”، وأعلنت مجموعة “Crystal Martin” من هونغ كونغ عن مشروع ضخم في المناطق الحرة بمساحة 1.5 مليون متر مربع، يوفر 4000 وظيفة وينتج ملابس لعلامات تجارية معروفة مثل Levi’s وAdidas؛ وفي سبتمبر، وقعت شركة “Shuanfeng” الصينية عقدًا لإنشاء مصنع باستثمار قيمته 23 مليون دولار، بينما استثمرت شركة “Eroğlu Global Holding” التركية 120 مليون دولار في مصنع متكامل ينتج 30 مليون قطعة سنويًا ويوظف 5000 عامل؛ تجاوزت الاستثمارات التركية 3 مليارات دولار خلال عامين مع توقعات بضخ 3 مليارات إضافية خلال 2026، ما يعكس الثقة الكبيرة في صناعة الملابس الجاهزة بمصر.

تطوير البنية التحتية الصناعية ودورها في تعزيز صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة بمصر

تعمل الحكومة على دعم تطوير قطاع الغزل والنسيج بمشروع قومي يشمل استثمارات بحوالي 56 مليار جنيه، ومن أبرز ملامحه إنشاء أكبر مصنع غزل في العالم “غزل 1” بالمحلة الكبرى بطاقة إنتاجية تصل إلى 30 طنًا يوميًا، على مساحة 62 ألف متر مربع؛ كما اكتملت المرحلة الأولى من تطوير 30 مصنعًا في 7 محافظات بهدف رفع إنتاج الغزل إلى 130 ألف طن سنويًا وإنتاج النسيج إلى 198 مليون متر؛ وفي يونيو 2025، أعلن وزير قطاع الأعمال العام محمد شيمي اكتمال 70% من المرحلة الثانية من المشروع، مع افتتاح مصانع جديدة في حلوان والمنيا؛ يهدف المشروع لرفع القيمة المضافة من 2.5% إلى 20%، مع تبني تقنيات خضراء مثل إعادة تدوير العوادم لإنتاج أقمشة الجينز، التي تدعم استدامة الصناعة وتخفف من التكاليف التشغيلية.

تُعد مصر قلعة صناعية رئيسية في مجال الغزل والنسيج، إذ تحتل موقعًا استراتيجيًا على قناة السويس وتمتلك القدرة على إنتاج القطن طويل التيلة الذي يمثل 75% من الألياف الطبيعية المستخدمة في الصناعة، وساهم هذا القطاع بنسبة 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2025 مع توفير حوالي 1.5 مليون وظيفة عبر 2500 مصنع، كما جذبت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس 40 مشروعًا بقيمة مليار دولار، مما يعزز الصادرات السنوية التي تتراوح بين 3 إلى 4 مليارات دولار، بالرغم من التحديات مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الخام؛ تعتمد الحلول على الاستثمار في تقنيات متقدمة للطاقة المتجددة والتشغيل الآلي، كما يظهر في مشروع “غزل 4” الذي يوفر 11 ألف برميل نفط سنويًا من خلال استغلال الطاقة الشمسية؛ مع توقع وصول حجم السوق إلى 11.85 مليار دولار بحلول عام 2030، تستعد مصر لتقود السوق العالمي للغزل والنسيج، مدعومة بشراكات دولية ورؤية حكومية تتمثل في جعلها مركز البحر المتوسط للتصنيع النسيجي خلال عامين، كما وصفه حسام هيبة رئيس هيئة الاستثمار.