هجر.. تعود بأزقتها وبيوتها الطينية عبر الخيال الروائي لتكشف سحر الحكايات التراثية

في عالم الأدب، تعد الرواية التاريخية من أكثر الأشكال السردية التي تأسر القارئ بربطها بين الماضي والحاضر من خلال سرد متقن ومشوق، ويبرز الروائي أحمد السبيت كمبدع في هذا المجال عبر أعماله التي تمزج بين السرد الفني والذاكرة التاريخية، حيث رسّخ في رواية «أوراق هَجَر» صورة الأحساء القديمة بسورها وأزقتها، وفي «دمعة غرناطة» أعاد إحياء شخصيات أندلسية ببلاغة أدبية لافتة.

توظيف الكلمة المفتاحية في ملامح الأحساء القديمة بسرد رواية «أوراق هَجَر»

في ظل ندرة المصادر التاريخية التي توثق للأحساء القديمة، وجد الروائي أحمد السبيت أن استحضار تفاصيلها يتطلب خيالاً متوافقاً مع واقع تاريخي، فهو يرى في الرواية مساحة لإعادة خلق الحقب الزمنية عبر وصف دقيق للسور، الأزقة، البيوت الطينية، النخيل، والمياه العذبة؛ مما يشكل لوحة تنبض بحياة الماضي في إطار فنّي محكم، ويمنح القارئ فرصة الانغماس في تفاصيل الزمن وكأنه يراه بأم عينه، وهذا هو سر توظيف الكلمة المفتاحية بشكل طبيعي ضمن سرده الذي يزيّن الحكاية ويربط القارئ بالمكان بعمق.

دور الشخصية والمكان في صنع حكاية رواية «أوراق هَجَر» بين الخيال والواقع التاريخي

لا ترتبط شخصية البطل «هَجَر» بسيرة فردية حقيقية، بل هي تركيب سردي مستلهم من تجارب متعددة ومتشابهة عبر العصور، حيث يمكن للرواية أن تعبر عن لحظات واقعية عاشها عدد من البشر في زمن الحكاية أو حتى في زمننا الحالي، وهذا يسمح بسرد متوازن بين المصداقية والخيال؛ أما الأماكن ففي روايات السبيت فهي ليست مجرد خلفيات سردية وإنما شخصيات حاضرة فاعلة برمزية قوية، تؤثر في مسار الأحداث وتفتح أمام القارئ نوافذ مختلفة لفهم السياق التاريخي والثقافي، كما يظهر بوضوح في «أوراق هَجَر» و«دمعة غرناطة».

اختيارات أحمد السبيت بين السرد التاريخي والخيال الإبداعي في رواية «دمعة غرناطة»

يتناول السبيت في «دمعة غرناطة» شخصيات تاريخية مثل لسان الدين بن الخطيب وابن زمرك والنباهي، معتمدًا على معارفه الأدبية والتاريخية لتشكيل سرد دقيق ومتجدد؛ حيث يؤكد أن الروائي يجب أن يوازن بين احترام الوقائع التاريخية واستدعاء الخيال بشكل يتيح للرواية أداء وظيفتها الفنية دون أن تتحول إلى بحث تاريخي جاف، فهو يوسع من مساحة الأحداث عبر تخيل مشوق وواقعي، خصوصًا حين يُمنح لهذه الشخصيات حضورًا موسعًا رغم قلة المصادر التاريخية عنها، مما يجعل النصوص إبداعية تحفظ الذاكرة وتثري التجربة القرائية بديناميكية الأدوار والمواقف.

الرواية الشخصيات الرئيسية السمات البارزة
أوراق هَجَر هَجَر وأهل الأحساء القديمة تصوير دقيق للأماكن التاريخية، توظيف الخيال مع الواقع
دمعة غرناطة لسان الدين بن الخطيب، ابن زمرك، النباهي دمج السرد الفني مع الشخصيات التاريخية، توسيع الحضور الدرامي

يعتمد أحمد السبيت على التاريخ كمادة ثرية تغذي خياله السردي، مؤمنًا بأهمية الميراث الثقافي في تشكيل الحاضر والمستقبل، ويرى أنه روائي قريب من المؤرخ لكنه لا يقيد نفسه بالتسلسل الحرفي للأحداث، بل يحرص على خلق نصوص ذات قوة فنية تعبر عن التحولات الثقافية الكبرى، خصوصًا في ظل رؤية المملكة 2030 التي تضع الثقافة والأدب في قلب التنمية المجتمعية، مما يعكس تنامي الاهتمام بالرواية التاريخية كأداة لحفظ الذاكرة وتنشيط الحكي الإبداعي.

  • اختيار أسماء الأبطال برؤية رمزية تعبر عن انتماء المكان والدلالة الثقافية.
  • استحضار أماكن الرواية كعناصر فاعلة تدخل في بناء الصراع الدرامي.
  • موازنة بين السرد الأدبي والوقائع التاريخية بما يتيح مساحة للخيال.
  • توسيع شخصية الأبطال التاريخيين عبر تفاصيل فنية لإغناء التجربة السردية.
  • تشكّل أعمال أحمد السبيت نموذجًا حيويًا للرواية التاريخية التي تحافظ على حضور ثقافي رصين، وتعيد للأحداث وللأماكن رونقها، إذ يرى أن الأدب ليس مجرد ترف فكري بل ركيزة أساسية في إحياء الذاكرة وتجديدها عبر حكايات قادرة على استثارة القارئ ورسم ملامح ماضيه بمزيج من الحرفية والخيال المبدع.

    كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.