أسرار الحياة القديمة .. اكتشاف أقدم DNA في العالم عمره 2.4 مليون سنة يكشف تفاصيل مذهلة
يُستخدم الحمض النووي القديم (Ancient DNA) بشكل متزايد في دراسة الحيوانات والنباتات المنقرضة لرصد تطور الأنواع عبر الزمن، وقد بدأ استرجاعه عام 1984 من عينة متحف Quagga، وهو حيوان يشبه الحمار الوحشي انقرض في القرن التاسع عشر، مع مرور الوقت أصبحت تقنيات تحليل الحمض النووي القديم تسمح بقراءة عينات أقدم من مختلف أنحاء العالم، وأقدم جينوم معروف حتى الآن يعود إلى عينة من غرينلاند عمرها 2.4 مليون سنة.
العوامل المؤثرة على بقاء الحمض النووي القديم وأطول فترة حفظ ممكنة
يعتمد حفظ الحمض النووي القديم على ظروف بيئية متعددة، ولا زال الجدل مستمراً حول المدة التي يمكن أن يبقى فيها الحمض النووي دون تحلل كامل، بحسب توم جيلبرت، مدير مركز الهولوجينوميات التطورية في الدنمارك، فإن قدرة الحمض النووي على البقاء أطول مما كان يعتقد في أوائل الألفينات، لكنها أقل مما كان يُظن في تسعينات القرن الماضي؛ حيث أثرت الخيالات العلمية مثل فيلم Jurassic Park على التوقعات حول إمكان استعادة الديناصورات من DNA محنط في الحشرات داخل الكهرمان.
دراسة نصف عمر الحمض النووي القديم في العظام وتداعياتها الحديثة
ركزت دراسة عام 2012 على قياس نصف عمر الحمض النووي الميتوكوندري في عظام طائر Moa المنقرض من نيوزيلندا، حيث تم تحليل 158 عظمة لتحديد مدة تحلل الروابط داخل العينة، وبلغ نصف العمر نحو 521 سنة، مما يشير إلى أن أقصى فترة يمكن أن يبقى خلالها الحمض النووي مفيداً هي قرابة 6.8 مليون سنة في أحسن الظروف، وهو رقم بعيد كل البعد عن الخيال العلمي الذي تظهره أفلام مثل Jurassic Park.
أفضل الظروف وأحدث الاكتشافات في دراسة الحمض النووي القديم
تشير عالمة الأنثروبولوجيا البيولوجية جينيفر راف إلى أن العوامل التي تعزز حفظ الحمض النووي القديم تشمل انخفاض درجات الحرارة، وجود الظلام، الجفاف، بالإضافة إلى حداثة العينات، فمثلاً أقدم الحمض النووي تم اكتشافه في رسوبيات غرينلاند التي تبلغ 2.4 مليون سنة، بينما أقدم جينوم كامل عُثر عليه كان لماموث عاش قبل 1.2 مليون سنة في سيبيريا؛ أما أقدم DNA بشري فقد استُخرج من عظام نياندرتال عمرها 40 ألف سنة في ألمانيا، وأقدم DNA لأقرب الأقارب البشر تم العثور عليه في Sima de los Huesos بإسبانيا ويبلغ حوالي 400 ألف سنة، وهو يشير إلى السلف المشترك بين النياندرتال والدينيسوفان، بينما يقتصر أقدم DNA بشري في إفريقيا على 20 ألف سنة بسبب ظروف الحفظ الأقل ملاءمة.
في الحقل المتقدم، بدأت دراسات علم البروتينات القديمة (Paleoproteomics) تكشف عن معلومات جينية من أقارب البشر القدماء الذين عاشوا قبل ملايين السنين، مع صعوبة كبيرة في استخراج DNA من الأسترالوبيثيسين مثل “لوسي”، لكن هناك آمال في إمكانية الحصول على حمض نووي من الهومو إريكتوس في مواقع ذات ظروف مناسبة مثل جورجيا والصين.
العامل | تأثيره على حفظ الحمض النووي القديم |
---|---|
درجة الحرارة المنخفضة | تبطئ تحلل الحمض النووي وتمكنه من البقاء لفترات أطول |
الظلام | يقلل من تعرض العينات للأشعة الضارة التي تسبب تكسراً في الحمض النووي |
الجفاف | يحد من نشاط البكتيريا والفطريات التي تحلل المادة الوراثية |
حداثة العينة | كلما كانت العينة أحدث، زادت فرصة الحصول على تسلسل DNA قابل للتحليل |
يشير توم جيلبرت إلى أن اكتشاف الحمض النووي لا يعني تلقائياً إمكانية الاستفادة منه لتحديد الأنواع، حيث لا بد أن تكون تسلسلاته طويلة وكافية لفصل الأنواع بدقة، وأي تجزئة كبيرة تجعل من الصعب التمييز أو التحليل، رغم أن الرقم القياسي الحالي لعمر الحمض النووي المفيد يبلغ 2.4 مليون سنة إلا أن هناك إمكانية استخراج DNA أقدم مستقبلاً من تحت الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية، مما يفتح آفاقاً جديدة لفهم التطور الحيوي.