الأردن في شتاء قاسٍ .. أرشيف 2024/2025 يكشف موجات برد متكررة ونقص كبير في المنخفضات الجوية وكميات الأمطار

شهد الموسم المطري 2024/2025 في الأردن نقصًا حادًا في كميات الأمطار بحسب التقييمات الحديثة لمركز طقس العرب، حيث كانت الأجواء شديدة البرودة وجافة نتيجة لتأثيرات المرتفع السيبيري الممتد لفترات طويلة، مما حدد أداء الموسم المطر بشكل واضح.

تفسير أداء الموسم المطري 2024/2025 وأسبابه الأساسية

تميز الموسم المطري 2024/2025 بنقص ملحوظ في الأمطار الذي كان من بين الأضعف خلال العقود الماضية؛ إذ أثرت الموجات الباردة الممتدة من المرتفع السيبيري على المملكة، مما أسفر عن أجواء جافة وبرودة غير معتادة. شهد بداية الموسم ضعفًا ملحوظًا مع غياب المنخفضات الجوية الناضجة في مربعانية الشتاء، فيما تحسنت الأوضاع جزئيًا في فبراير، حيث سجلت المملكة بعض الأمطار مع انخفاض درجات الحرارة بشكل حاد. وشهد مارس موجة قطبية غير معتادة أظهرت تأثيرها بإسقاطات ثلجية قوية، إضافة إلى موجة صقيع وانجماد حادة على المناطق الزراعية والصنابير.

تصنيف الموسم المطري 2024/2025 بين المواسم الأضعف وفق التحليلات العلمية

أثبتت البيانات والإحصائيات أن الموسم الحالي يعد الأضعف منذ موسم 1978/1979، مع تراجع متوسط الأمطار الموسمية بنحو 0.6 ملم في كل موسم، وأوضح مركز طقس العرب أن السبب الرئيسي لضعف الموسم المطري في الأردن يعود إلى غياب المنخفضات الجوية الشتوية الناضجة عن الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وسط تغيرات في المنظومة الجوية للنصف الشمالي من الكرة الأرضية. تعرّج التيار النفاث وانخفاض نشاطه ونمو ضغوط جوية مرتفعة فوق القطب الشمالي أثرا على تحرك الكتل الهوائية الباردة بعيدًا عن منطقتنا، بينما سيطرت المرتفعات الهوائية بقوة على شرق المتوسط. وأحد العوامل الأخرى التي ساهمت في ضعف الأمطار هو نشاط ظاهرة “اللانينا” في المحيط الهادئ، والتي ساعدت على تعزيز نشاط المرتفعات الجوية والحيلولة دون تمدد المنخفضات الشتوية نحو المنطقة.

تفصيل المنخفضات الجوية والفعاليات التي مرت بها المملكة خلال الموسم المطري 2024/2025

شهدت المملكة خلال الموسم عدة فترات جوية مهمة، جاءت كالتالي:

• نهاية نوفمبر 2024: موجة برد سيبيرية مبكرة، أظهرت هبوطًا حادًا في درجات الحرارة مع تشكل الصقيع في العديد من المناطق، وكانت الأبرد منذ سنوات عديدة في هذا الوقت من العام.
• 5-6 فبراير 2025: أول منخفض جوي مصنف من الدرجة الثالثة، جاء بعد انتظار دام 60 يومًا، وترافق مع هطول أمطار جيدة أدت إلى جريان الأودية وهبوب رياح عاصفة متجاوزة 100 كم/ساعة، وتساقط ثلوج فوق المرتفعات الجنوبية العالية وزخات في المرتفعات الشمالية.
• 9-10 فبراير 2025: منخفض جوي من الدرجة الأولى صاحب طقس بارد مع أمطار متفرقة في شمال ووسط وشرق المملكة وبعض المناطق الجنوبية.
• 20-21 فبراير 2025: منخفض جوي من الدرجة الثانية جلب أمطارًا منتظمة، وبعده اندفعت كتلة هوائية قطبية قاسية أدت إلى موجة برد قصوى مع درجات حرارة منخفضة جدًا انخفضت إلى نحو 5 درجات تحت الصفر في العاصمة وأقل من 10 درجات تحت الصفر في المناطق الجبلية، مسببة تجمد المياه وانقطاعات متفرقة.
• 19-20 مارس 2025: منخفض جوي من الدرجة الثانية مصحوب بكتلة شديدة البرودة، أدى إلى تساقط ثلوج متراكمة على قمم المرتفعات الشمالية والوسطى، وكانت أول تساقطات مشابهة في رمضان منذ 27 عامًا، بالإضافة إلى موجة صقيع وانخفاض حاد في درجات الحرارة بعد المنخفض.
• خلال الموسم، تأثرت المملكة أيضًا بحالات جوية فرعية ناتجة عن تمدد منخفض البحر الأحمر، أفرزت أمطارًا رعدية متقطعة لكنها لم تسهم بشكل كبير في تغيير أداء الموسم، وأبرزها في مايو حيث نتجت عنها سيول في جنوب المملكة أدت إلى عدة وفيات.

وبحسب إحصائيات إدارة الأرصاد الجوية الأردنية، بلغ عدد المنخفضات الجوية التي أثرت على المملكة خلال الموسم أربعة، منها منخفض واحد من الدرجة الأولى، واثنان من الدرجة الثانية، ومنخفض ثالث من الدرجة الثالثة، ولم تُسجَّل منخفضات من الدرجتين الرابعة أو الخامسة. وكان شهر فبراير الأكثر نشاطًا وأبرد الأشهر، كما تميز بوجود أقوى منخفض جوي في الخامس والسادس من فبراير. وبشكل عام، يعكس الموسم أداءً مطريًا ضعيفًا مع السيطرة القوية للمرتفعات الجوية السيبيرية، وتداخل تأثير ظاهرة “اللانينا” مع المنظومة الجوية العالمية، مما جعل الموسم أقل موسمية من المعتاد.

يبقى تتبع وتحليل كميات الأمطار والأنظمة الجوية سمة أساسية لفهم تذبذب المناخ ومراقبة التغيرات المناخية المستقبلية؛ فكل موسم يحمل بين طياته دلائل مهمة لفهم التغيرات البيئية وتأثيرها على المنظومة الجوية المحلية.