
رغم النمو الكبير الذي حققه قطاع الرخام والجرانيت المصري، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة، تهدد استدامته وتقلل قدرته التنافسية.
قال أحمد عبدالحميد، رئيس غرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن أزمة المحاجر، وارتفاع التكاليف، واعتماد المصانع المتزايد على الخامات المستوردة، جميعها مشاكل تحد من استمرار نمو القطاع.
أضاف لـ «البورصة»، أن الخامات المستوردة تستحوذ على مساحة كبيرة من النشاط نتيجة صعوبات الحصول على الخامات المحلية بأسعار مناسبة، متابعا: “خلال السنوات الثلاث الماضية، أصبح من الصعب توفير خامات محلية بسعر منافس، ما دفع المصانع للاعتماد على خامات من إسبانيا وإيطاليا وتركيا”.
وأوضح عبدالحميد، أن ارتفاع رسوم المحاجر والبيروقراطية الإدارية جعلت تكلفة الحصول على الخام المصري هى الأعلى عالميًا، مشيرا إلى أن تركيا والهند والسعودية تقدم تراخيص محاجر بأسعار زهيدة، فى حين يعانى المستثمرون فى مصر من رسوم مرتفعة.
ولفت إلى أن الخامات المصرية تتميز بجودة عالية وخاصة فى الألوان الترابية مثل الرماديات، ولكن ندرتها وارتفاع أسعارها أضعف قدرتها على المنافسة عالميًا، وكشف عن تراجع صافى العائد من العملة الأجنبية رغم ارتفاع قيمة الصادرات قائلًا:” على سبيل المثال اليوم نصدر منتجات بقيمة 200 دولار ، ولكن المكون المحلى لا يتجاوز 20 %، بينما كنا فى السابق نصدر بـ100 دولار بمكون محلى يصل لـ 90%.”
وأوضح أن الزيادة فى أرقام التصدير مجرد انعكاس لإعادة تصدير منتجات مصنعة من خامات مستوردة.
وتراجعت صادرات مصر من الرخام والجرانيت خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي لتسجل 97 مليون دولار، مقابل 160 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من عام 2024، بحسب بيان صادر عن المجلس التصديرى لمواد البناء.
وجاءت ليبيا فى المرتبة الأولى بقائمة أكبر الدول المستوردة للرخام والجرانيت المصري لتسجل 22.8 مليون دولار مقابل 81 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، ثم جاءت تركيا فى المرتبة الثانية بنحو 7 ملايين دولار مقابل 5 ملايين دولار، ثم السعودية بقيمة 6 ملايين دولار مقابل 9 ملايين دولار.
أشار عبدالحميد، إلى أن مصنع كنور فى العين السخنة يعد نموذجًا إيجابيًا لتوفير بعض الخامات للمشروعات القومية، لكن قدراته التشغيلية لا ترقى لمستوى الطاقات الإنتاجية المتاحة، كما أن قطاع الرخام “كثيف النقل”، وهو ما يجعله حساسًا للغاية لأى تغيرات فى أسعار الوقود، خصوصا السولار.
وأشار إلى أن الرسوم والغرامات غير الواضحة على المحاجر أصبحت عبئًا ثقيلًا، ما أفقد الخام المصرى قدرته التنافسية.
وحول منطقة شق الثعبان جنوب شرق القاهرة التى تمثل نحو 80% من نشاط صناعة الرخام، فقال إنها تواجه العديد من المشكلات التنظيمية والإدارية، أما المصانع التى تقع خارج المنطقة، فرغم معاناتها من مشكلات تسويقية إلا أنها تشهد نسبيًا بعض النمو.
وتابع:” رغم دفع المصانع أموالًا كبيرة خلال عملية تقنين أوضاعها فى شق الثعبان، إلا أن كثيرًا منها مازال بحاجة لتحديث الماكينات والتكنولوجيا المستخدمة، قائلًا: “بعض المصانع استخدمت تقنيات صينية رخيصة ولكنها تتآكل خلال 3 ـ 4 سنوات، ونحن بحاجة لإعادة تأهيل كامل في البنية التكنولوجية.”
وأبدى رئيس مجلس مجلس إدارة الغرفة تفاؤله بمستقبل القطاع خلال السنوات الخمس المقبلة، متوقعا نموا فى النشاط، لكنه حذر من أن صافى العملة الأجنبية المحققة سيكون أقل كثيرًا مما سبق.
وحول مدى جاذبية القطاع للاستثمار المحلى والأجنبى، قال عبدالحميد: “قد نجد بعض المستثمرين يأتون بخاماتهم لتصنيعها فى مصر ثم يعيدون تصديرها، ولكن على المستوى الكلى، المكون المحلي يتراجع، وشدد على أن تحسين البيئة الاستثمارية يتطلب تغييرًا جذريًا فى نظام المحاجر”.