
في ملعب «هارد روك» بمدينة ميامي غاردنز، دار شعار البطولة على الشاشة العملاقة ككوكب جديد في مجرة كرة القدم. وبينما وصف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، البطولة بأنها «انفجار كبير في تاريخ اللعبة»، كانت الأنظار شاخصة نحو انطلاقة الحدث الذي طال انتظاره: كأس العالم للأندية بنسختها الموسعة، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
قبل ساعات من صافرة البداية، كان إنفانتينو يتجول في أرجاء الملعب، متابعاً آخر اللمسات على الاستعدادات. وبعد مكالمة دعائية أثارت الحرج مع النجمَين روبّي ويليامز ولورا باوزيني، أعلن خلالها أن أغنية «ديزاير» ستكون النشيد الرسمي الجديد لـ«فيفا»، كان يأمل أن يُحدث الحدث صدى عالمياً… لكن البداية كانت أكثر تواضعاً مما توقّع.
ففي حين تعهد منظمو البطولة بأنها تمثل «حقبة جديدة لكرة القدم»، بدا الإقبال في الوهلة الأولى باهتاً، إذ أشارت تقارير إلى أن هناك آلاف من التذاكر غير المباعة، وسط تساؤلات في الشارع الأميركي حول الفرق بين هذه البطولة وكأس العالم للأمم.
تزامنها مع أحداث رياضية أخرى، مثل نهائي كأس ستانلي، ومشاركة كيتلين كلارك في دوري كرة السلة للسيدات، لم يساعد أيضاً في تعزيز الحضور أو الاهتمام الإعلامي.
رغم كل ذلك، كان للمباراة الافتتاحية بين إنتر ميامي والأهلي المصري وقعها الخاص. جمهور «الشياطين الحمر» كان أكثر صخباً وتنظيماً من أنصار الفريق الأميركي، ما منح اللقاء نكهة قارية مختلفة. وعلى الرغم من الحضور المحدود نسبياً، بلغ عدد الجماهير 60,927 متفرجاً، أي ما يقارب 93 في المائة من سعة الملعب، وهو رقم يفوق التوقعات.
الافتتاح شهد فقرات عشوائية في ترتيبها، بدءاً من عزف غير معلن للنشيد الوطني الأميركي قبل ساعة من المباراة، وصولاً إلى استعراض فردي للاعبين اختُتم باسم ليونيل ميسي، في استثمار واضح لتأثيره الجماهيري. أما الأداء على أرض الملعب، فقد كشف بوضوح حدود إنتر ميامي، رغم امتلاكه أسماء لامعة مثل لويس سواريز وسيرجيو بوسكيتس، اللذين بديا بعيدَين عن مستواهما المعروف.
المفارقة أن أفضل لاعب في اللقاء لم يكن ميسي، بل مواطنه حارس المرمى أوسكار أوستاري، الذي أنقذ فريقه مراراً، بما في ذلك تصديه لركلة جزاء. وعلى الجانب الآخر، تألق محمد الشناوي في مرمى الأهلي، ليمنح المباراة نكهة فنية وسط التعادل السلبي.
وفي المدرجات، كان ديفيد بيكهام، أحد مالكي إنتر ميامي، يجلس إلى جانب إنفانتينو، والنجمين السابقين رونالدو وباجيو، في مشهد أراد له «فيفا» أن يكون استعراضاً للقوة والرؤية الجديدة.
المثير أن المدرب خافيير ماسكيرانو، بدا قبل اللقاء محبطاً من عدم دعم الإدارة لفريقه بلاعبين جدد خلال فترة الانتقالات القصيرة، التي أُقرّت خصيصاً من «فيفا» لهذه البطولة. تصريحاته حملت انتقاداً مبطّناً للسياسة الفنية للنادي، قبل أن يُغيّر لهجته بعد اللقاء، ويشيد بأداء فريقه في الشوط الثاني، حيث لعب إنتر ميامي بشجاعة أكبر.
في النهاية، لم تكن النتيجة هي المحور الحقيقي لليلة الافتتاح، بل كان إثبات وجود البطولة نفسها هو الرهان. وكما رددت الجماهير في الممرات بعد صافرة النهاية: «ميسي، ميسي» مقابل «أهلي، أهلي»، بدا أن كأس العالم للأندية قد انطلقت فعلياً، ولو بخطوات خجولة.
إنها بطولة إنفانتينو، وعالم كرة القدم بات يتنفس وفق قوانينها الجديدة.