
لم تكن هناك حاجة لكلمات كثيرة أو نقاشات مطوّلة حول العقود أو الأرقام. بمجرد أن قال سيموني إنزاغي: «لا أستطيع الاستمرار، لقد تعبت… أعتقد أن دورتي هنا قد انتهت»، أدرك الجميع أن صفحة المدرب مع إنتر قد طُويت رسمياً.
ووفق «لاغازيتا ديلو سبورت» الإيطالية كان اللقاء، الذي جمعه مع الرئيس التنفيذي بيبي ماروتا، والمدير الرياضي بييرو أوسيليو، ونائبه داريو باكين، قد عُقد بعيداً عن الأنظار، في مكتب بوسط مدينة ميلانو، واستمر لثلاث ساعات كاملة، من الثانية بعد الظهر حتى الخامسة مساءً. لم يحضر أي طرف آخر، لا صحافيين، ولا مستشارين، ولا حتى وكيل إنزاغي نفسه. غياب الوكيل كان في حد ذاته إشارة واضحة: لا نية للحديث عن التجديد، ولا رغبة في التفاوض. بل كان لقاءً من أجل الفصل النهائي.
ووفق مصادر مطلعة على الاجتماع، لم يكن لدى ماروتا وفريقه أي نية في الضغط أو محاولة إقناع إنزاغي بالبقاء، خصوصاً بعد أن جاء التعبير عن الإرهاق وفقدان الحافز بتلك الصراحة. وحين يطلب مدرب إنهاء العلاقة بسبب انعدام الدافع، فليس هناك ما يُناقش. كانت قناعة متبادلة، رغم أنها مؤلمة، لكن ضرورية.
اللافت في الأمر أن الطرفين اتفقا على «الطلاق» دون التطرق ولو لثانية واحدة إلى المسائل المالية. إنزاغي، الذي كان من المقرر أن يحصل على 6.5 مليون يورو في العام الأخير من عقده (مع زيادة تلقائية إلى 7 ملايين) تنازل عن المبلغ بالكامل، ولم يطلب أي تعويض أو مكافأة نهاية خدمة. ومن جانبها، لم تطالب إدارة الإنتر نادي الهلال بأي مقابل مالي نظير فسخ العقد، رغم أن عرض النادي السعودي كان جاهزاً منذ أيام.
ووفق «لا غازيتا»، إنزاغي دخل الاجتماع وغادره بسيارة النادي، في مشهد يؤكد أن العلاقة ظلت محترمة حتى اللحظة الأخيرة. وخلال الجلسة، تم استعراض السنوات الأربع التي قضاها مع الفريق، بما حملته من انتصارات وانكسارات. كما تم التطرق بشكل جانبي إلى مستقبله في السعودية، دون أن يكون ذلك محور الحديث.
وفي خطوة أخلاقية نادرة في كرة القدم اليوم، تعهّد إنزاغي بعدم محاولة استمالة أي من نجوم إنتر نحو الهلال، مؤكداً أنه لن يضع النادي في موقف محرج بعروض مغرية للاعبيه السابقين. وحتى عندما جرى التطرق ساخراً إلى احتمال مواجهة إنزاغي لفريقه السابق في ربع نهائي كأس العالم للأندية (إذا ما تجاوز الهلال والإنتر المرحلة الأولى) كان الجو ودياً، بروح خفيفة، لا تحمل أي ضغينة.
لكن ما كان واضحاً للجميع، أن إنتر لم يعد يُمثل الحافز لإنزاغي. لقد استنفد كل طاقته مع الفريق، وشعر بأن رحيله هو الأنسب للجميع. وهكذا، أسدل الستار على تجربة بدأت بطموحات كبيرة، وانتهت بهدوء نادر في عالم لا يعرف الهدوء.