الذهب يرتفع بقوة.. يستعد لتسجيل أكبر مكسب سنوي منذ 1979 ويعزز فرص الاستثمار المستقبلية

انخفضت أسعار الذهب في السوق الأوروبية مع تواصل نشاط عمليات جني الأرباح وتصحيح الأسعار في الربع الأخير من عام 2025، متأثرة بارتفاع الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات العالمية؛ حيث سجل المعدن الثمين أدنى مستوى له خلال أسبوعين وسط تصاعد الضغوط على السوق الذهبية. رغم هذا التراجع النسبي، يستعد الذهب لتحقيق أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979، مدعومًا بطلب استثنائي على السبائك كملاذ آمن وسط اضطرابات جيوسياسية وتحولات اقتصادية صعبة.

تحليل حركة أسعار الذهب في ظل نشاط جني الأرباح المستمر

شهدت أسعار الذهب تراجعًا بنسبة 1.5% لتصل إلى 4274.23 دولارًا للأونصة، مسجلة أدنى مستوى منذ 16 ديسمبر، بعد افتتاح التعاملات عند 4339.10 دولارًا وتحقيق أعلى مستوى عند 4373.24 دولارًا خلال الجلسة؛ في الوقت ذاته، حقق المعدن ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.2% في تسوية يوم الثلاثاء عقب خسائر حادة بلغت حوالي 4.45% يوم الاثنين نتيجة زيادة عمليات التصحيح وجني الأرباح من أعلى مستوى تاريخي عند 4550.04 دولارًا. تشير هذه التقلبات إلى توازن دقيق بين عمليات البيع لجني الأرباح وفتح مراكز جديدة داخل السوق.

تأثير تحركات الفائدة والدولار الأمريكي على أسعار الذهب في 2025

ارتفع مؤشر الدولار بأكثر من 0.2% خلال جلسة الأربعاء ليصل إلى 98.44 نقطة، محققًا أعلى مستوى في أسبوع، مع استمرار قوة العملة الأمريكية مقابل منافسيها. وأظهرت محاضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر 2025 تعارضًا بين أعضاء اللجنة حول خفض أسعار الفائدة، حيث صدّق 9 أعضاء على تخفيض بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.75% مقابل معارضة 3 أعضاء، وهو أكبر انقسام منذ عام 2019. يتجه الاحتياطي الفيدرالي إلى التمهل في تعديل الفائدة مستقبلاً، مع توقعات بخفض إضافي واحد فقط خلال 2026، ما يعكس نهجًا أكثر حذرًا. من جهة أخرى، تشير بيانات أداة “فيد ووتش” إلى احتمال بنسبة 84% لإبقاء الفائدة دون تغيير في اجتماع يناير 2026، بينما تبلغ احتمالية تخفيضها 16% فقط؛ ما يعزز حالة الترقب بين المستثمرين لمزيد من تصريحات الفيدرالي والبيانات الاقتصادية الأمريكية.

أداء الذهب في 2025 وأسباب الطلب القياسي على السبائك الذهبية

شهدت تعاملات الذهب طوال عام 2025 ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة تفوق 64%، في طريقها لتحقيق ثالث مكسب سنوي متتالي وأكبر معدل نمو منذ عام 1979. يعود هذا التفوق التاريخي إلى عدة عوامل متشابكة:

  • شراء البنوك المركزية لمخزونات ذهبية قياسية، في إطار توجه عالمي نحو تقليل الاعتماد على الدولار وتنويع الاحتياطيات
  • تراجع أسعار الفائدة العالمية، مما جعل تكلفة الاحتفاظ بالذهب أقل وأدى إلى تحول سيولة كبيرة من السندات نحو المعدن الأصفر
  • تصاعد التوترات الجيوسياسية التي عززت من مكانة الذهب كملاذ آمن ضد مخاطر النزاعات والعقوبات الاقتصادية
  • الرغبة المتزايدة في التحوط ضد التضخم وتدهور قيمة العملات الورقية، مما دفع الأفراد والمؤسسات لزيادة الاقبال على السبائك والعملات الذهبية
  • ندرة الذهب وصعوبات الإنتاج نتيجة نضوب بعض المناجم وارتفاع تكاليف الاستخراج، ما قلّص العرض مقابل الارتفاع الكبير في الطلب
  • ضعف الدولار الأمريكي المرتبط بتخفيضات الفائدة ومخاوف الاستقرار المالي والسياسات الاقتصادية المتقلبة خلال 2025

من جهة أخرى، حافظ صندوق SPDR Gold Trust، أكبر صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب، على حيازاته عند 1071.99 طن متري، وهو أعلى مستوى منذ يونيو 2022. تحليل فني حديث يشير إلى ارتفاع في سعر الذهب بفضل الدعم الحالي في السوق، مع توقعات إيجابية لاستقرار الأسعار خلال الأيام القادمة.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.