تحولات جديدة.. كيف أعادت 2025 رسم خريطة الذهب والفضة والنحاس بخطوات ثورية

شكل عام 2025 نقطة تحول بارزة في أسواق المعادن العالمية، حيث شهدت المعادن النفيسة والصناعية قفزات قياسية غير مسبوقة عادت بالذاكرة إلى محطات كبرى تحمل تأثيرات أزمات اقتصادية وتحولات نقدية جذرية؛ وكان الذهب المعدن الأبرز، حيث حقق مستويات تاريخية متعددة، فيما عادت الفضة بقوة بعد تراجع طويل، وبقي النحاس ركيزة صاعدة بدعم من الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، في مشهد يعكس تحول المعادن من أدوات تحوط تقليدية إلى عناصر استراتيجية محورية في الاقتصاد العالمي الجديد.

تقرير أداء الذهب في 2025 ودوره كركيزة أساسية في الاستثمار

برز الذهب خلال 2025 كالمستفيد الأكبر، إذ استطاع تحقيق أكثر من خمسين مستوى قياسي، وبلغت أسعاره أعلى مستوياتها منذ أزمة النفط عام 1979، حيث ارتفعت قيمته من 2600 دولار للأونصة في بداية العام إلى ما يزيد على 4400 دولار في عدة تداولات، منهية العام بارتفاع يقارب 60% عند 4381 دولارا؛ وقد كسر هذا الأداء القواعد التقليدية التي تربط عادة الارتفاعات التاريخية لتوقع تصحيحات حادة، إذ حافظ المعدن على استقراره وأسعاره القوية بفعل ظروف غير مسبوقة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

تسارع الصعود كان نتيجة تداخل عوامل شملت تصاعد النزاعات الجيوسياسية، ضعف الدولار الأمريكي، وتوقعات خفض معدلات الفائدة؛ كما ساهمت سياسات التعريفات الجمركية التي تبناها الرئيس الأمريكي السابق في إعادة توازن الطلب نحو الذهب كملاذ آمن. إلى جانب ذلك، شهد الذهب طلباً استثمارياً متزايداً من الأفراد والمؤسسات المالية الكبرى والبنوك المركزية، مما أعطى الارتفاع طابعاً هيكلياً أقوى وأبدى مقاومة لسقوط سريع في الأسعار.

البنوك المركزية وتأثيرها في تعزيز ارتفاع أسعار الذهب وتحليل توقعات 2026

يُظهر اعتماد البنوك المركزية على تنويع احتياطياتها بعيداً عن الدولار شكل دعم مهم لاستمرار دورة ارتفاع أسعار الذهب، يغطي عامها الخامس على التوالي. وفق تحليل بنك جيه بي مورغان، الطلب القوي من هذه البنوك يُعد ركيزة ثابتة للأسعار الحالية التي تتطلب شراء نحو 350 طناً فصلياً للحفاظ على الاستقرار؛ وتُشير التقديرات إلى إمكانية تجاوز متوسط الطلب 585 طناً في كل ربع سنة خلال 2026.

تنوعت التوقعات حول السعر في 2026، حيث تتوقع مورغان ستانلي وصول الذهب إلى 4500 دولار للأوقية منتصف العام، بينما يتوقع جيه بي مورغان تجاوز 4600 دولار في الربع الثاني وبلوغ 5000 دولار في الربع الأخير، وهو ما يتفق مع سيناريو ميتالز فوكاس المتفائل. بالمقابل، تتوقع ماكواري معدل صعود أبطأ وصولاً إلى 4225 دولارًا، مع ترقب تحسن النمو العالمي وتشديد السياسات النقدية. هذه التباينات تعكس حالة الغموض التي تسيطر على أسواق المعادن وسط تعقيدات جيوسياسية ونقدية.

استعراض أداء الفضة والنحاس ومآلاتهما في سوق المعادن لعام 2026

استعادت الفضة حضورها بقوة في 2025 بعد انحسار فرض استهلاكها، إذ ارتفعت للأسعار الفورية إلى ما يزيد على 67 دولارًا للأونصة، مسجلة قفزة سنوية بلغت نحو 132%، متفوقة على مكاسب الذهب، وفقًا لبيانات رويترز؛ ويرجع ذلك إلى توليف تأثيرات عدة، منها زيادة تدفقات الاستثمار في صناديق الفضة المتداولة، وعودة الطلب الصناعي المدعوم بالاستخدام المتنامي في الخلايا الشمسية والإلكترونيات وتقنيات الجيل الخامس، بالإضافة إلى ظروف الاقتصاد الكلي مثل ضعف الدولار وانخفاض أسعار الفائدة.

أما النحاس، فقد واصل ارتفاعه اللافت، مقتربًا من 12000 دولار للطن، مسجلاً رقماً قياسياً مدعوماً بصعود أسهم شركات التكنولوجيا والتوسع في الذكاء الاصطناعي، إذ ارتفعت أسعاره بأكثر من 34% خلال العام، بدعم من توقف بعض المناجم وارتفاع الواردات الأمريكية، إضافة إلى توقعات إيجابية للبنية التحتية الرقمية والطاقة المتجددة؛ ولا يمكن تجاهل دوره الأساسي في المركبات الكهربائية ومراكز البيانات ومشروعات طاقة الرياح. توضح شركتا فيسكاريا وأوروبيس الحاجة الماسة إلى إنشاء مناجم جديدة في أوروبا لتعزيز أمن الإمدادات، رغم التحديات الاقتصادية والبيئية.

تشير المؤشرات إلى أن 2026 سيحمل تحديات وتناقضات كبيرة في سوق المعادن؛ فمن جهة، يبقى الذهب والفضة وجهات آمنة بفضل استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، ومن جهة أخرى قد تشهد الأسعار بعض التراجع أو الاستقرار في حال تحسن النمو العالمي أو تشديد السياسة النقدية؛ ومن المتوقع أن تستفيد الفضة من تحولات الاقتصاد الأخضر، بينما يبقى النحاس ركيزة أساسية للثورة الصناعية الجديدة المبنية على الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.

المعدن نسبة الارتفاع في 2025 السعر النهائي 2025 التوقعات 2026
الذهب 60% 4381 دولار/أونصة من 4225 إلى 5000 دولار مع احتمالية زيادة
الفضة 132% 67 دولار/أونصة استمرار الصعود أو تماسك بين 45-70 دولار حسب السيناريو
النحاس 34% 12000 دولار/طن نمو مستمر بدعم التكنولوجيا والطاقة المتجددة

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.