تأثير محتمل.. هل يتأثر اقتصاد العراق سلبياً بالسلام بين روسيا وأوكرانيا؟

ارتفعت توقعات تأثير الاتفاق الروسي – الأوكراني على أسواق النفط العالمية مع احتمالية ضخ ما يقرب من خمسة ملايين برميل إضافية يوميًا، مما قد يؤدي إلى زيادة المعروض وانخفاض أسعار النفط إلى أقل من 50 دولارًا للبرميل. هذا الانخفاض المحتمل يهدد الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بنسبة كبيرة على العائدات النفطية في تمويل الموازنة العامة، وقد يفاقم الضغوط المالية على الحكومة ويؤثر على انتظام صرف الرواتب والخدمات الاجتماعية.

تأثير الاتفاق الروسي – الأوكراني على أسعار النفط في العراق

شهدت أسعار النفط تراجعًا واضحًا من 81 دولارًا في سبتمبر 2024 إلى أقل من 60 دولارًا في ديسمبر 2025، وسط توقعات بضخ كميات أكبر من النفط الروسي إلى الأسواق العالمية بعد الاتفاق النهائي بين روسيا وأوكرانيا. صندوق النقد الدولي حدد حاجة العراق إلى سعر برميل نفط يتجاوز 92 دولارًا لتأمين توازن موازنة 2025، وهو سعر بعيد عن الواقع الحالي، مما يعني أن العراق قد يواجه تحديات مالية صعبة بفعل انخفاض أسعار النفط المتوقعة.

يشير الخبير الاقتصادي هلال الطعان إلى أن سعر النفط لا يتأثر فقط بالاتفاق الروسي – الأوكراني، بل يشمل عوامل متعددة مثل التطورات الاقتصادية والسياسية العالمية، لكنه يؤكد أن انخفاض سعر النفط سيضاعف أزمة العراق المالية، خاصة وأن النفط هو المورد الرئيسي للميزانية. لذلك، قد تضطر الحكومة إلى زيادة الاقتراض الداخلي والخارجي لتعويض العجز، وهو ما يعد تحديًا كبيرًا للاقتصاد العراقي المثقل بالأزمات.

الضغوط الاقتصادية على العراق بسبب تراجع أسعار النفط الخام

ترتكز ميزانية العراق بشكل شبه كامل على عائدات النفط التي تمثل حوالي 90% من الإيرادات، مقارنة بدول خليجية كالسعودية والإمارات والكويت التي تعتمد على صناعات متنوعة، وهو ما يجعل العراق الأكثر تأثرًا بتقلبات أسعار النفط. يقول الخبير النفطي حمزة الجواهري إن روسيا ستعيد ضخ كميات نفط كبيرة إلى الأسواق مع رفع العقوبات، إلى جانب زيادة الولايات المتحدة في إنتاج النفط الصخري، مما يؤدي إلى تخمة في العرض ويتوقع أن يدفع سعر البرميل للانخفاض إلى مستويات قريبة من 50 دولارًا أو أقل، وهو ما يشكل ضربة قاسية للاقتصاد العراقي.

كما أن هذا الانخفاض في أسعار النفط سيزيد من الضغوط على الحكومة لخفض النفقات، لا سيما مع وجود أكثر من 4.5 مليون موظف حكومي و2.6 مليون متقاعد بالإضافة إلى 2.15 مليون مشمول بالرعاية الاجتماعية يتقاضون رواتبهم الشهرية التي تتجاوز 8.5 تريليون دينار.

الإجراءات المالية المحتملة لمواجهة انهيار أسعار النفط في العراق

تعمل وزارة المالية العراقية على إعداد موازنة 2026 مع اعتماد سعر برميل نفط افتراضي يبلغ 60 دولارًا لترشيد الإنفاق وتقليص الفجوة المالية. وفي ظل الضغوط المتزايدة، يُتوقع اتخاذ إجراءات تقشفية مالية تشمل:

  • تقليص الإنفاق الحكومي وخاصة للرئاسات الثلاث وتوحيد الرواتب بينها
  • خفض تخصيصات الإيفاد بنسبة تصل إلى 90% لموظفي الدولة
  • تعظيم الإيرادات من خلال تحسين تحصيل الموارد واستخدام الإدارة المالية الحذرة
  • الاعتماد على الاقتراض المحلي والدولي لسد العجز المؤقت في الموازنة
  • توجيه الإنفاق نحو الأولويات الأساسية لضمان استمرار صرف الرواتب والخدمات الاجتماعية

ويرى المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر صالح، أن السلام بين روسيا وأوكرانيا قد يخلق فرصًا لتحسن الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط، ما قد يزيد الطلب على النفط ويرتفع سعره، مخالفًا التوقعات القصيرة الأجل. لكن حفاظ العراق على استقرار موازنته المالية يتطلب إصلاحات هيكلية لضمان تنويع مصادر الدخل وتحسين كفاءة الإنفاق، لتقليل الاعتماد الكلي على النفط الذي يعرّض البلاد لمخاطر الأسواق العالمية.

يأتي ذلك في ضوء إجراءات حثيثة تقوم بها الحكومة العراقية للانتقال إلى سياسة مالية مستدامة تحمي الاقتصاد والمجتمع من تقلبات أسعار النفط، دون إحداث صدمات في صرف الرواتب أو تقديم الدعم الاجتماعي.

المتغير التقدير الحالي التأثير على العراق
سعر النفط في سبتمبر 2024 81 دولارًا للبرميل عائدات مالية قوية نسبيا
سعر النفط في ديسمبر 2025 أقل من 60 دولارًا للبرميل تراجع الإيرادات ومخاطر مالية
السعر الذي يحتاجه العراق للتوازن أكثر من 92 دولارًا للبرميل غير متوافر أو واقع السوق الحالي
عدد الموظفين الحكوميين 4.55 مليون موظف زيادة العبء المالي الحكومي
عدد المتقاعدين 2.6 مليون متقاعد طلبات صرف مستمرة تؤثر على الموازنة
كمية الرواتب الشهرية أكثر من 8.5 تريليون دينار جزء كبير من المصاريف الحكومية

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.