موجة مفاجئة.. ارتفاع الدولار في العراق يثير تحديات اقتصادية ومخاوف واسعة
يشهد سعر صرف الدولار في العراق تحركات ملحوظة نتيجة تداخل عدة عوامل مالية وإدارية، ما يجعل مراقبة تغيراته أمراً أساسياً لفهم واقع الاقتصاد المحلي وتأثير ذلك على الموازنة العامة والتنمية الاقتصادية. تتطلب معالجة هذه الظاهرة الاعتماد على حزمة من الإجراءات الإصلاحية المتكاملة بعيداً عن التغيرات الجزئية في سعر الصرف فقط.
أهمية الإصلاحات المتكاملة في استقرار سعر صرف الدولار في العراق
يتفق الاقتصاديون على أن الاعتماد على تغيير سعر صرف الدولار كأداة وحيدة لمعالجة الأزمات المالية، لا يُعد حلاً فعالاً، إذ إن عجز الموازنة المتصاعد يحتم تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة في الاقتصاد العراقي. فعندما قررت الحكومة في نهاية 2020 خفض قيمة الدينار ورفعت سعر الدولار في 2023، كانت الإجراءات مؤقتة وذات تأثير محدود ما دامت تفتقر إلى دعم الإصلاحات في مجالات عدة منها مكافحة الفساد، وتحسين تحصيل الضرائب وتطوير قطاعات المياه والكهرباء، فضلاً عن ضبط المنافذ الجمركية وتنظيم عملها.
يُلفت الخبراء إلى أن ربط الإنفاق بالإيراد يمثل حجر الزاوية في تحقيق الاستقرار المالي، فلا فائدة من إصلاح سعر الصرف إن لم يُرافقه تقنين الإنفاق وتعزيز موارد الدولة المالية عبر تدابير عملية وشاملة. فالحلول الجزئية لن تتمكن من تجاوز فجوة الموازنة أو التحكم بارتفاع سعر الدولار الذي يضغط على الاقتصاد وعلى القوة الشرائية للمواطنين.
دور التعاون النقدي والمالي في ضبط سعر صرف الدولار وتعزيز الاستقرار المالي
يُبرز المستشار المالي لرئيس الوزراء آلية التعاون البنّاء بين السياسات النقدية والمالية التي تعتمد مبدأ التكيّف النقدي غير المباشر لضمان ثبات سعر صرف الدولار وتأمين السيولة اللازمة للجهاز المصرفي والمالية العامة. يسمح هذا التعاون للبنك المركزي بشراء السندات الحكومية من جميع المصارف المحلية، ما يعزز من استقرار السيولة ويحافظ على تدفق الأموال بكفاءة.
هذا التآزر لا يقتصر دورُه على استقرار سعر صرف الدولار فحسب، بل يؤمن تمويل الاحتياجات القصيرة الأجل للعراق، مثل دفع الرواتب والأجور والمعاشات، دون التعرض لمخاطر نقص السيولة أو تأخير الالتزامات المالية، مما يطمئن الأسواق والمواطنين على استمرارية الأداء المالي في الأمدين القريب والمتوسط.
العوامل المؤثرة على سعر صرف الدولار في العراق وأثرها على الاقتصاد
يتجاوز ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق تأثير عامل واحد فقط، إذ تتداخل عوامل متعددة مثل تراجع أسعار النفط الخام التي تشكل المصدر الأساسي للموازنة، مع الانخفاض في الإيرادات غير النفطية كالضرائب والجمارك وإيرادات أملاك الدولة. تضاف إلى ذلك مشكلات الفساد الإداري والمالي المستشرية في مفاصل الدولة، وانعدام الإجراءات الرادعة بحق الفاسدين، ما يفاقم الضغط على الدينار العراقي.
يرتبط هذا التدهور بسابقه في عام 2021، عندما ارتفع سعر الدولار من 120,000 إلى 145,000 دينار؛ مما انعكس بارتفاع كبير في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، وضغط على الطبقات ذات الدخل المحدود. هذا الواقع يعكس أهمية وضع سياسات اقتصادية واقعية واستراتيجية مستدامة لضبط سعر صرف الدولار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
| العامل | التأثير على سعر صرف الدولار |
|---|---|
| عجز الموازنة | زيادة الطلب على الدولار وضغط على الدينار |
| تراجع أسعار النفط | انخفاض الإيرادات الحكومية |
| انخفاض الإيرادات غير النفطية | ضعف موارد الدولة |
| الفساد الإداري والمالي | تآكل الثقة وزيادة العجز المالي |
| غياب الإصلاحات | تفاقم الأزمات وعدم استقرار العملة |
