تحت الضغط .. الذهب يعاود الارتفاع مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وحالة عدم اليقين التجاري

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تداولات الخميس، مدعومة بعودة الطلب على الملاذات الآمنة نتيجة تجدد التوترات الجيوسياسية وحالة عدم اليقين التجاري على المستوى العالمي، إلى جانب تحركات المستثمرين لإعادة تموضع محافظهم بعد موجة جني أرباح من مستويات تاريخية مرتفعة؛ حيث أصبح تأثير هذه العوامل محور اهتمام سوق الذهب ومراقبي الأسعار على حد سواء.

تطورات أسعار الذهب وارتباطها بالطلب على الملاذات الآمنة

ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 بنحو 55 جنيهًا خلال تعاملات الخميس ليصل إلى قرابة 5600 جنيه، بينما شهدت الأوقية زيادة بحوالي 40 دولارًا لتسجل 4143 دولارًا، وفق ما صرح به سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات؛ حيث سجل عيار 24 قيمة 6400 جنيه، وعيار 18 نحو 4800 جنيه، وعيار 14 حوالي 3734 جنيهًا، مع استقرار سعر الجنيه الذهب عند نحو 44800 جنيه. وكان السوق المحلية قد شهدت هبوطًا طفيفًا في أسعار الذهب بنحو 45 جنيهًا خلال تعاملات الأربعاء، عقب انخفاض الأوقية عالميًا من 4410 إلى 4102 دولارات للأوقية، مما يعكس تقلبات متسارعة مرتبطة بكثافة الطلب على الملاذات الآمنة في ظل التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية.

أسباب تقلبات سوق الذهب المحلي وتأثيرها على المستثمرين

على الرغم من صعود أسعار الذهب يوم الخميس، لا يزال السوق المحلية يعاني من اختلالات في التسعير؛ إذ تراجع السعر بنحو 300 جنيه مقارنة بالذروة التي وصلت إلى 5900 جنيه لعيار 21 خلال الأيام الماضية، كما لجأ عدد من تجار الذهب الخام إلى توسيع الفجوة بين السعر المحلي والعالمي بمقدار 50 إلى 100 جنيه للجرام على مدار اليومين الماضيين؛ بهدف تعويض خسائرهم الناتجة عن الهبوط المفاجئ. ويشير سعيد إمبابي إلى ضرورة التريث للمستهلكين الراغبين في الشراء حتى يشهد السوق استقرارًا ويتطابق السعر المحلي مع حركة البورصة العالمية، ما يقلل من احتمالية تحمل جزء من الخسائر التي يمر بها التجار خلال فترة تصحيح الأسعار.

الظروف العالمية وتأثيرها على سعر الذهب والملاذات الآمنة

تشهد البورصات العالمية حاليًا ارتفاعات محدودة في أسعار الذهب، وسط تمسك الطلب على هذا المعدن النفيس كملاذ آمن نتيجة مزيج من التوترات الاقتصادية والجيوسياسية؛ حيث تتصدر المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين اهتمامات المستثمرين، خاصة مع تقارير تفيد أن واشنطن تدرس فرض قيود تصدير جديدة تتزامن مع محادثات رفيعة المستوى والاجتماع المحتمل بين الرئيس دونالد ترامب وصاحب السلطة الصينية شي جين بينج على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ في جنوب كوريا. وفي الوقت ذاته، يظل إغلاق الحكومة الأمريكية الذي دخل أسبوعه الرابع عاملًا يؤثر على معنويات السوق، كما تركز أنظار المستثمرين على احتمالات خفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال اجتماع لجنة السوق المفتوحة المزمع عقده في 29 و30 أكتوبر، وذلك في سياق توقعات متزايدة بخفض ربع نقطة مئوية.

تترقب الأسواق صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي يوم الجمعة، إذ من المتوقع أن تؤثر هذه المؤشرات على توجهات الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الصين إرسال وفد برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة هي ليفينغ إلى ماليزيا لإجراء محادثات اقتصادية وتجارية مع الولايات المتحدة، مما يؤكد أن المفاوضات رفيعة المستوى ستبدأ قريبًا. وفي الوقت ذاته، تدرس إدارة ترامب خطة لتقييد صادرات المنتجات التي تحتوي على برمجيات أمريكية أو التي تم إنتاجها باستخدامها إلى الصين، ضمن جهودٍ لتشديد القيود على المنافسة التكنولوجية.

وفي سياق آخر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على شركتي الطاقة الروسيتين «روسنفت» و«لوك أويل»، بهدف الحد من عائدات موسكو النفطية وزيادة الضغوط على جهودها الحربية، في ظل إلغاء قمة بين ترامب وبوتين في بودابست كان من المفترض أن تناقش إنهاء الصراع في أوكرانيا. وفي رد فعل على هذه التطورات، وصف دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق، الإجراءات الأمريكية بأنها إعلان “عمل حرب”، مشيرًا إلى إمكانية تورط الولايات المتحدة في إرسال أسلحة جديدة إلى المنطقة وزيادة التصعيد العسكري.

تُظهر هذه المتغيرات حجم تأثير الأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية على أسعار الذهب، حيث يتحول المعدن النفيس إلى ملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين والتقلبات العالمية، ما يدفع المستثمرين إلى متابعة تحركات السوق الدولية والمحلية عن كثب لضبط استثماراتهم وفق المعطيات الراهنة.