شريان حياة.. بعيدًا عن الأضواء تكشف اللجنة المصرية في غزة تفاصيل دورها المحوري لإنقاذ القطاع
يبرز دور اللجنة المصرية في دعم غزة كعلامة فارقة في خضم الأزمة الإنسانية الطاحنة التي يعصف بها العدوان والنزوح الكبير، حيث تظل الجهود المصرية هي الحاضر الأبرز على الأرض لتقديم الإغاثة والمساعدات لأهالي القطاع، ومن قلب هذه المعاناة، يقدم المتحدث باسم اللجنة في غزة، الفلسطيني محمد منصور، شهادة حية عن العمل الميداني والتحديات التي واجهت جهود الإغاثة المصرية منذ اليوم الأول.
كيف أصبح دور اللجنة المصرية في دعم غزة شريان حياة للفلسطينيين؟
يُعد دور اللجنة المصرية في دعم غزة بمثابة شريان حياة حقيقي للسكان المحاصرين، فمنذ اللحظات الأولى للحرب، كانت مصر حاضرة بقوة وفاعلية بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولم يقتصر هذا الحضور على مجرد إرسال المساعدات، بل امتد ليشمل المبادرة في كل ما يتعلق بمساعي وقف إطلاق النار وفتح المعابر لضمان استمرارية تدفق الدعم الإنساني، فكل ما يدخل القطاع من غذاء ودواء ووقود يأتي عبر البوابة المصرية، التي تعمل بصمت وتفانٍ لإنقاذ الأرواح بعيدًا عن أي استعراض إعلامي أو بحث عن مكاسب سياسية، مما رسخ مكانتها كداعم أساسي وموثوق.
تحديات واجهت دور اللجنة المصرية في دعم غزة وكيف تغلبت عليها
رغم أن الوضع الإنساني في القطاع يوصف بالكارثي، فإن الوجود المصري المستمر يمنح السكان بصيص أمل، فالقوافل التي تصل يوميًا من معبر رفح لا تحمل مساعدات مادية فحسب، بل تحمل رسالة إنسانية عميقة تؤكد أن المصريين لم يتأخروا يومًا عن نصرة أشقائهم، ومع ذلك، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، حيث واجهت اللجنة تحديات أمنية معقدة للغاية أثناء الحرب، بما في ذلك عمليات سطو كانت تستهدف القوافل الإغاثية أحيانًا، لكن بفضل التنسيق المحكم مع كافة الجهات وتوفير قوة تأمين مخصصة، استمر دور اللجنة المصرية في دعم غزة بنجاح، كما واجه المتحدث الإعلامي محمد منصور تهديدات بالقتل ومحاولات ابتزاز لثنيه عن دوره الإعلامي، لكنه واصل عمله بإصرار ودعم كامل من قيادة اللجنة.
جهود ميدانية تعكس دور اللجنة المصرية في دعم غزة على أرض الواقع
بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، تسارعت وتيرة العمل الميداني بشكل ملحوظ، حيث وصلت اللجنة بجهودها إلى ١٥ مخيمًا داخل القطاع، مع تسيير مائة شاحنة محملة بالمساعدات في مشهد مهيب هتفت فيه غزة بأكملها لمصر ورئيسها، كما طورت اللجنة عملها بشكل كبير لمواكبة أزمة النزوح من الشمال إلى الجنوب، حيث أنشأت مخيمات مجهزة بالكامل بناءً على تعليمات رئاسية مباشرة، وتضمنت هذه المخيمات تجهيزات متكاملة لضمان حياة كريمة للنازحين.
- عيادات طبية لتقديم الرعاية الصحية العاجلة.
- مدارس لاستمرار العملية التعليمية للأطفال.
- عناصر أمن لتأمين السكان والحفاظ على سلامتهم.
- آبار مياه لتوفير مصدر نقي للشرب.
- مخابز وتكيات لتلبية الاحتياجات الغذائية اليومية.
ويجري حاليًا إنشاء مخيم ضخم جديد في مخيم النصيرات على مساحة ١٣٠ فدانًا لاستيعاب ٢٠٠٠ عائلة نازحة، وقد تغيرت آليات توزيع المساعدات مع تحسن الأوضاع، وهو ما يوضحه الجدول التالي الذي يقارن بين الوضع أثناء الحرب وبعد الهدنة.
المرحلة | متوسط عدد الشاحنات اليومي | دورية توزيع المساعدات للعائلة |
---|---|---|
أثناء الحرب | ٣٠ – ٧٠ شاحنة | كل ٥ أيام |
خلال الهدنة | ٥٠٠ – ٦٠٠ شاحنة (متوقع) | شهريًا |
لم يقتصر دور اللجنة المصرية في دعم غزة على الجانب الإغاثي فقط، بل امتد ليشمل الجانب الاجتماعي، حيث أصرت اللجنة على توحيد العائلات الفلسطينية المتفرقة أو التي كانت على خلاف، وتسليم المساعدات عبر “مختار” يحظى بإجماعهم لضمان التوزيع العادل والوصول إلى كل مستحق، مما يعكس حرصًا كبيرًا على النسيج المجتمعي الفلسطيني.
كان استقبال أهالي شمال قطاع غزة لقوافل اللجنة بعد الهدنة مؤثرًا للغاية، فمع بزوغ الفجر، كانت اللجنة أول من دخل إلى الشمال المحاصر لأكثر من أربعين يومًا، واستقبلهم الأهالي بالأعلام المصرية وصور الرئيس السيسي والتهليل والتكبير، ولم تكن الشاحنات تحمل الغذاء فقط، بل نقلت أيضًا المواطنين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم، في لفتة إنسانية عميقة أكدت أن مصر كانت وستظل السند الحقيقي لغزة وشعبها.
في شهادته الشخصية، يروي محمد منصور كيف دُمر بيته وبيوت أهله في جباليا، وكيف استشهد عمه وأبناء عمه خلال القصف أو أثناء البحث عن المساعدات التي تحولت لمصائد للموت، وهو يعيش الآن في خيمة كغيره من أبناء شعبه، ورغم هذه المأساة، يؤكد أن الشعب الفلسطيني تفاجأ من محاولات فئة ضالة تشويه صورة مصر واتهامها بإغلاق المعابر، بينما الحقيقة أن الجيش الإسرائيلي هو من أغلقها بعد احتلال رفح.
يؤكد منصور أن العلاقة بين الشعبين المصري والفلسطيني راسخة وعميقة، مستشهدًا بموقف إنساني مؤثر حدث له على أحد الحواجز المصرية، حيث بكى ضابط مصري عندما علم بمرض ابنه وقدم له المساعدة فورًا قائلًا “ده ابني”، وهذه المواقف تعكس الحب الصادق الذي يكنه المصريون للفلسطينيين، وتبرهن على أن أمن مصر هو صمام أمان للأمة العربية بأكملها.
يعمل منصور حاليًا على تنظيم مهرجان كبير لدعم دور مصر في غزة، مستثمرًا مجموعة “دليل الصحفي الفلسطيني” التي تضم ١٣٧ صحفيًا يعملون على خدمة القضايا الوطنية وتعزيز العلاقات مع مصر، ورغم صعوبة الظروف وانقطاع الإنترنت، يواصل عمله الإغاثي والإعلامي بشغف، مؤكدًا أن خدمة مصر وفلسطين تهون كل صعب.