تغيّرات قريبة محتملة.. بعد عامين من استقرار الليرة، هل يتراجع سعر الصرف عن 89500؟

في تشرين الأول 2023، استقر سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار عند مستوى 89500 ليرة، بعد سلسلة من الارتفاعات والتقلبات في السوق الموازية التي سيطرت على سعر الصرف منذ بداية الأزمة المالية في لبنان أواخر عام 2019، ويتساءل الكثيرون عما إذا كان من الممكن أن يحدث تغيير في سعر الصرف هذا في ظل إقرار مجلس النواب لقانون “إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها” في تموز 2025، إضافة إلى المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي.

تأثير قانون إصلاح المصارف على سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار

يوضح الخبير المالي والاقتصادي بلال علامة أن قانون تسوية أوضاع المصارف لا يرتبط بشكل مباشر بتغير سعر صرف الليرة مقابل الدولار؛ إذ رغم إقرار القانون ستظل هناك بنوك تغلق أبوابها أخرى تحتاج لتأمين سيولة أو دمج مع مؤسسات مالية خارجية، مما يعني أن تأثير هذا القانون على سعر الصرف سيظل محدودًا. يؤكد علامة أن مفعول قانون الإصلاح لن ينعكس فورًا على السوق النقدية، إذ أن استقرار سعر الصرف مرتبط بعوامل متعددة تشمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية العامة ومقابلة الطلب والعرض على العملة.

فرص التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتأثيرها على سعر صرف الليرة

أما على صعيد مفاوضات الدولة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، فالأمر معقّد وصعب التحقيق ما لم تلتزم الحكومة اللبنانية بتنفيذ الإصلاحات التي يطلبها الصندوق، وهو الأمر الذي برز جليًا من نتائج اجتماعات الوفد اللبناني في واشنطن مع ممثلي صندوق النقد. ورغم أن إبرام اتفاق مع الصندوق قد يساعد في تحسين التوقعات الاقتصادية وإعادة الثقة، فإن احتمالية حدوث تغير ملموس في سعر صرف الليرة في الأمد القريب تظل ضعيفة؛ فالدولة اللبنانية اتخذت قرارًا بطبع كميات كبيرة من العملة الوطنية وإعادة تركيز السيولة بالليرة لتحفيز التداول، وهو ما يقيّد أي انخفاض واضح في سعر الصرف.

الاستقرار الحالي لسعر صرف الليرة اللبنانية وجهود التوحيد وآفاق المستقبل

يُنسب استقرار سعر صرف الليرة عند 89500 ليرة إلى إلغاء منصة “صيرفة” من قبل حاكم مصرف لبنان بالإنابة في آب 2023، مما أدى إلى توحيد السعر بين السوق الرسمية والموازية، ولا يزال هذا السعر ثابتًا حتى اليوم. في 2023، تم اعتماد قاعدة الاثني عشرية بسبب عدم صدور موازنة جديدة، مع تثبيت سعر الصرف على 15000 ليرة كمرجع للسحوبات المصرفية، فيما شهد شباط 2024 إصدار التعميم 167 من مصرف لبنان الذي يُوحّد سعر الصرف الموحد لتقييم ميزانيات البنوك، ويعكس السعر الثابت للسوق عند 89500 ليرة. أما بالنسبة لمنصة بلومبرغ التي كان من المقرر أن تنطلق في كانون الأول 2023 بهدف تحقيق سعر صرف موحّد يعكس العرض والطلب، فإن تأجيل إطلاقها جاء نتيجة تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان، والأوضاع الأمنية المتدهورة، بالإضافة إلى متطلبات صندوق النقد الدولي التي تشمل إدخال إصلاحات اقتصادية. كما أن الاستعدادات الفنية والتنظيمية اللازمة لإطلاق المنصة لا تزال في طور الدراسة لضمان جاهزيتها ومطابقتها للمعايير الدولية.

استقرار سعر صرف الليرة عند 89500 ليرة مقابل الدولار يظهر كخطوة محورية في مواجهة الأزمة المالية رغم الصعوبات المتعددة، ومع ذلك، يبقى الوضع متأثرًا بعوامل اقتصادية وسياسية معقدة وبحاجة إلى استمرار الإصلاحات وإعادة بناء الثقة لإحداث تغييرات فعلية في قيمة العملة. الكلمة الأخيرة عن حركة سعر الصرف تبقى متوقفة على مدى تنفيذ لبنان للإصلاحات وضغوط السوق المحلي والدولي.