30 عامًا على الشاشة .. أسطورة لا تموت.. حكاية أطول فيلم هندي في تاريخ بوليوود لا يزال يعرض يوميًا في بومباي

يشهد عالم السينما على ظاهرة فريدة تتمثل في أطول عرض فيلم هندي في تاريخ بوليوود، حيث يستمر عرض فيلم رومانسي كوميدي يومياً منذ ما يقارب الثلاثة عقود في إحدى دور السينما بمدينة بومباي الهندية، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً غير مسبوق في تاريخ السينما العالمية، ومؤكداً على مكانته الخاصة في قلوب الملايين عبر الأجيال المتعاقبة.

ما سر أطول عرض فيلم هندي في تاريخ بوليوود؟

انطلق عرض فيلم “Dilwale Dulhania Le Jayenge” الذي يُعرف اختصاراً بـ “DDLJ” أو “صاحب القلب الشجاع سيأخذ العروس بعيداً” في 20 أكتوبر من عام 1995، ومنذ ذلك اليوم لم يغادر شاشات قاعة ماراثا ماندير الشهيرة في بومباي، ليصبح هذا الإنجاز هو أطول عرض فيلم هندي في تاريخ بوليوود بلا منازع، فالحكاية لا تقتصر على مجرد أرقام؛ بل تحولت إلى طقس يومي وعلاقة وطيدة بين الفيلم وجمهوره، حتى أن أحد رواد السينما الدائمين، ويُدعى محمد شاكر، يؤكد مازحاً أنه شاهده قرابة ثلاثين مرة منذ عام 1996 ولا ينوي التوقف، فالفيلم لم يكن مجرد قصة عابرة؛ بل كان الانطلاقة الحقيقية التي صنعت نجومية الممثل الشهير شاروخان وجعلته أحد أبرز أيقونات السينما الهندية.

ماراثا ماندير: تجربة سينمائية فريدة تتحدى الزمن

تتحول قاعة ماراثا ماندير يومياً عند الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً إلى وجهة لعشاق الكلاسيكيات، حيث يجد الجمهور نفسه أمام قصة الحب الخالدة التي تتحدى تقاليد الأسر المحافظة، وكل ذلك مقابل تذكرة رمزية لا تتجاوز قيمتها 40 روبية، أي ما يعادل نصف دولار أمريكي تقريباً، ويشير مدير السينما، مانوج ديساي، إلى أن القاعة تستقطب بشكل خاص الطلاب والأزواج الشباب خلال أيام الأسبوع، بينما يكتمل العدد ليصل إلى حوالي 500 شخص في عروض يوم الأحد، والمثير للدهشة هو أن تفاعل الجمهور مع المشاهد والأحداث لا يزال بنفس الحماس والزخم الذي كان عليه قبل ثلاثين عاماً، مما يثبت أن بعض التجارب السينمائية تتجاوز حدود الزمن وتخلق رابطاً عاطفياً قوياً مع المشاهدين.

لماذا يستمر “صاحب القلب الشجاع” في جذب الجماهير؟

يكمن سر استمرارية هذا الفيلم الذي حقق أطول عرض فيلم هندي في تاريخ بوليوود في معالجته الذكية للصراع بين الأجيال، فهو يبرز التباين الواضح بين انفتاح شاب وفتاة هنديين عاشا في الخارج وعقليات والديهما المحافظة، ورغم توفر الفيلم بسهولة على شاشات التلفزيون ومنصات البث الرقمي، يصر الكثيرون على مشاهدته في السينما للاستمتاع بتجربة مختلفة تمنحهم “قشعريرة” خاصة لا يمكن للشاشة الصغيرة أن توفرها، وقد واجه الفيلم محاولة لإيقاف عرضه في عام 2015، لكن القرار قوبل باعتراضات جماهيرية واسعة دفعت إدارة السينما إلى استئناف العروض مجدداً، فالفيلم تحول إلى علامة ثقافية فارقة بفضل عدة عوامل رئيسية:

  • دور البطولة الذي أطلق نجومية شاروخان.
  • القصة الرومانسية التي تعالج صراع الأجيال والتقاليد.
  • التجربة السينمائية الفريدة في قاعة ماراثا ماندير.
  • السعر الرمزي للتذكرة الذي يجعله في متناول الجميع.

ويعتبر الناقد السينمائي بارادواج رانغان أن هذا الاستمرار يمثل رسالة فنية عميقة تعبر عن محاولة الهند الدائمة للتوفيق بين قيمها الراسخة والتحولات الحديثة التي يمر بها المجتمع.

وهكذا يظل الفيلم ليس مجرد عمل سينمائي ناجح؛ بل أصبح جزءاً من النسيج الثقافي في بومباي ورمزاً فنياً يعكس سعي المجتمع الهندي المستمر للموازنة بين قيمه الأصيلة ومتغيرات العصر الحديث، ليؤكد أن بعض القصص لا تبهت مع مرور الزمن.

صحفي يغطي مجالات الرياضة والثقافة، معروف بمتابعته الدقيقة للأحداث الرياضية وتحليلاته المتعمقة، بالإضافة إلى اهتمامه بالجانب الإنساني في القصص الثقافية والفنية.