واشنطن وبكين.. صراع الموانئ يعيد جدل صفقة بنمامنهجية العمل التلقائية ويشعل التوترات الاقتصادية
تتجلى أهمية صفقة ميناءي بنما في قلب التوتر المتصاعد بين واشنطن وبكين، حيث يمثل النفوذ الصيني في البنى التحتية الحيوية لأمريكا اللاتينية محور صراع استراتيجي مستمر؛ فقد أثارت سيطرة شركة «CK Hutchison» على ميناءي «بالبوا» و«كريستوبال» مخاوف أمريكية متزايدة، خاصة في ظل ربط هذه السيطرة بزيادة النفوذ الصيني في المنطقة.
تداعيات صفقة ميناءي بنما وتأثيرها على النفوذ الصيني والأمريكي في أمريكا اللاتينية
يُعد ميناءا بنما من أهم المرافئ التجارية في العالم، ووجود شركة «CK Hutchison» هونغ كونغية الأصل فيه جعل الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ؛ ذلك لأن هذه الشركة تعمل كواجهة للصين التي تسعى لتوسيع هيمنتها الاقتصادية في المنطقة. فشارع البيت الأبيض في إدارة ترامب دفع لإبرام اتفاق مبدئي في مارس/آذار يقتضي ببيع 80% من أصول الشركة خارج الصين وهونغ كونغ إلى تحالف استثماري تقوده شركة أمريكية، ما بدا في البداية مكسبًا سياسيًا لواشنطن. لكن الرد الصيني جاء معقدًا من خلال فرض قوانين مكافحة الاحتكار التي أجبرت التحالف على إدخال شركة «COSCO» الحكومية الصينية كشريك بنسبة 30% مع منحها حق النقض، مما جمد المفاوضات وأعاد المشهد إلى ما يشبه المربع الأول.
خطة وسطية لتسوية صفقة ميناءي بنما والدور الصيني في موانئ أمريكا اللاتينية
أقترح مقترح بديل يتيح للتحالف الأمريكي الاستحواذ على ميناءي بنما، مقابل منح شركة «COSCO» حصة في خمسة موانئ أخرى في أمريكا اللاتينية والكاريبي مملوكة لـ«CK Hutchison»، مما يفتح الباب أمام توسيع النفوذ الصيني عالميًا، خاصة في مناطق حساسة جغرافيًا واستراتيجيًا؛ الأمر الذي يزيد المخاوف الأمريكية المتعلقة بالأمن القومي، خصوصًا أن وزارة الدفاع الأمريكية تصنف «COSCO» ككيان عسكري مرتبط ارتباطًا مباشرًا بجيش التحرير الشعبي الصيني، إذ يثير تزايد الوجود الصيني القلق حول إمكانية استخدام هذه الموانئ كمنصات للتجسس الإلكتروني أو لأغراض سياسية وعسكرية ضد الولايات المتحدة.
تحاول حكومة بنما تخفيف التوتر من خلال خطوات قانونية تهدف لإنهاء عقود الشركة الصينية في الميناءين البنميين، في محاولة لإبعاد بكين عن الميدان المحلي، لكن الربط بين صفقة ميناءي بنما وتوسع نفوذ «COSCO» العالمي يعكس تعقيدات إقليمية ودولية أكبر، تدفع واشنطن لإعادة تقييم مواقفها في ملفات حساسة أوسع نطاقًا.
التحديات الاستراتيجية أمام واشنطن في مواجهة النفوذ الصيني عبر صفقة ميناءي بنما
بات واضحًا أن التحدي الأهم أمام صناع القرار الأمريكيين لم يعد متعلقًا فقط بالصفقة المحددة في بنما، بل يتعداه إلى صياغة استراتيجية متكاملة لمواجهة التوسع الصيني المتسارع في البنى التحتية الحيوية في نصف الكرة الغربي. إن المكاسب السياسية المؤقتة التي تحققها الولايات المتحدة قد لا تكون كافية لمواجهة النفوذ الاستراتيجي العميق الذي تسعى الصين لترسيخه، مما يجعل إعادة ضبط الأولويات والنهج الأمريكي في المنطقة أمرًا ضروريًا للحفاظ على المصالح الحيوية وضمان الأمن الإقليمي.