نقطة التحول .. أسعار الذهب تتغير بين الشراء والبيع وثلاثة خبراء يحددون الاتجاه القادم

ارتفعت أسعار الذهب بشكل لافت مؤخرًا، حيث اقتربت من مستويات قياسية تجاوزت 4400 دولار للأونصة، ما يجعل متابعة حركة الذهب في ظل التوترات التجارية والتقلبات السياسية أمرًا ضروريًا. هذا التصاعد في أسعار الذهب يعكس زيادة الطلب على المعدن الثمين كملاذ آمن في ظل الضبابية الاقتصادية العالمية.

تحليل الخبراء لتصحيح أسعار الذهب وتوقعات المدى المتوسط

يؤكد مصطفى فهمي، الرئيس التنفيذي لاستراتيجيات الاستثمار في شركة فورتريس، أن السوق يمر بحركة تصحيح طبيعية بعد موجة صعود حادة شهدها الذهب خلال الفترة الماضية، متوقعًا توقف الأسعار مؤقتًا ما بين 3900 و4000 دولار للأونصة في حالة عدم حدوث تغييرات جذرية. ويضيف فهمي أن الاتجاه العام للذهب يبقى صاعدًا على المدى المتوسط والطويل، مع بقاء الطلب قويًا سواء من البنوك المركزية أو المؤسسات المالية والمستثمرين، الذين يلجأون للذهب كأداة تحوط ضد التضخم وتآكل العملات الورقية.

ويلفت فهمي إلى أن العوامل المؤثرة على تحركات أسعار الذهب تشمل الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي، التطورات السياسية في فرنسا واليابان، إضافة للتوترات الجيوسياسية الأخرى، وخاصة ما يتعلق بالصراع الروسي الأوكراني والخلافات بين الولايات المتحدة وفنزويلا.

اتجاهات سعر الذهب والضغوط الجيوسياسية وتأثيرها على السوق

يرى وليد فقهاء، مدير الاستثمار في شركة الأهلي للوساطة المالية، أن الصورة الفنية للذهب ما تزال إيجابية رغم تصاعد المخاطر العالمية، مشيرًا إلى استمرار الزخم الصعودي حتى بعد تراجع سعر الذهب من 4400 دولار إلى حوالي 4270 دولار للأونصة. ويشير فقهاء إلى توقع حركة الأسعار في نطاق 4100 إلى 4300 دولار للأونصة خلال الأسبوع المقبل في حال عدم وقوع أحداث مفاجئة. كما يؤكد أن التوترات الجيوسياسية المستمرة، خاصة التصعيد الكلامي بين الصين والولايات المتحدة، تضغط على معنويات المستثمرين وتدعم بقاء الأسعار مرتفعة قرب مستويات 4250 إلى 4300 دولار، مستفيدًا من استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي.

ويضيف فقهاء أن أي بيانات اقتصادية ضعيفة، سواء الناتج المحلي الإجمالي الصيني أو قرارات سعر الفائدة المرتقبة، ستزيد من الإقبال على الذهب كملاذ آمن، خاصة مع ارتفاع الفائدة على السياسات النقدية المتشددة التي لم تمنع موجة البحث عن الأمان في المعادن النفيسة.

توقعات الذهب ونصائح المستثمرين بين الصعود والاحتراز

من جهته، يرى طلال السمهوري، مدير الاستثمار في شركة أفينتيكوم، أن الاتجاه العام لسعر الذهب يبقى تصاعديًا خلال الـ 9 إلى 12 شهرًا القادمة، رغم الصعوبات في التنبؤ بطبيعته الأسبوعية أو قصيرة المدى نتيجة التقلبات السياسية والتجارية. ويشير إلى أن الدعم الأساسي للسوق نابع من العوامل الاقتصادية الكلية، في ظل تراجع الثقة بالنظام المالي العالمي وتحول المستثمرين نحو الأصول الحقيقية.

وقد أظهرت تقارير بلومبيرغ ارتفاع الذهب أكثر من 60% منذ بداية 2025، مدفوعًا بزيادات كبيرة في الطلب المؤسسي والمصرفي، بينما شهدت الفضة تحقيق مكاسب قياسية قبل أن تتراجع بشكل ملحوظ، مما يعكس تحركات غير مستقرة في أسعار المعادن النفيسة لكنها تبقى مؤشرات اقتصادية نفسية هامة.

وهنا نصائح المستثمرين بحسب المحللين:

  • شراء الذهب للتحوط ضد التضخم وتخزين القيمة يحتاج إلى صبر والاحتفاظ على المديين المتوسط والطويل.
  • من يرغب في البيع دون ضغوط مالية ينصح بالانتظار، إذ أن الذهب مرشح لتجاوز 5000 دولار للأونصة مع استمرار الظروف الراهنة.
  • المضاربون يجب أن يكونوا حذرين، فكل ارتفاع قوي يعقبه تصحيح لاحق.
  • الشراء التدريجي يقلل من مخاطر توقيت الدخول السلبي، والبيع الجزئي ممكن عند وصول الأسعار لمستويات مرتفعة.

يمثل الذهب اليوم أداة مركزية للتحوط في أزمنة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، في ظل استمرار موجات التضخم والتوترات التجارية التي تحد من استقرار الأسواق المالية. ويجمع الخبراء على أن أي تراجع مؤقت في سعر الذهب يعتبر فرصة للشراء وليس مدعاة للذعر، مع تبقي الثقة في الذهب كمرآة تعكس حالة الاضطراب العالمية ويظل الملاذ المفضل في عالم متقلب.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.