في أرض رونالدو.. المعجزة تحققت وقصة ذهبية عجوز بعمر 91 عاما تلهم الملايين.

يُجسّد فوز عداء بريطاني بعمر 91 عاما في سباق دولي قصة ملهمة تتجاوز حدود الرياضة، حيث أثبت كولين سبيفي أن الإرادة البشرية لا تعرف عمراً محدداً للتوقف عن الحلم أو تحقيق الإنجازات، ففي مشهد استثنائي احتضنته جزيرة ماديرا البرتغالية، مسقط رأس أسطورة كرة القدم كريستيانو رونالدو، خطف هذا العداء العجوز الأضواء والميدالية الذهبية، ليُسطّر فصلاً جديداً في حكايات التحدي والإصرار.

لقد كان الإنجاز لافتاً بكل المقاييس؛ ففي بطولة كونتيننتال للأساتذة، وتحديداً ضمن سباق 800 متر لفئة “M90″، تمكن سبيفي من تحقيق انتصار مذهل، مسجلاً زمناً قدره 4 دقائق و17.60 ثانية، ولم يكن هذا الانتصار وليد الصدفة، بل جاء نتيجة تصميم كبير، خاصة أنه قبل عام واحد فقط من هذا التتويج، كان قد شارك في نهائي 5000 متر لفئة “M85” ببطولة أوروبا للأساتذة، وحينها اكتفى بالمركز الرابع بزمن 30 دقيقة و40 ثانية، ورغم أنه لم يكن يمتلك خبرة واسعة على المضمار آنذاك، إلا أنه عاد هذه المرة بقوة لا تُضاهى ليحقق الذهب.

كيف حصد عداء بريطاني بعمر 91 عاما ذهبية سباق 800 متر؟

جاء التتويج المستحق بعد سباق تكتيكي أظهر فيه سبيفي ذكاءً وخبرة، ففي الأمتار الأخيرة من السباق، أطلق العجوز العنان لقدميه في انطلاقة سريعة ومدهشة فاجأت منافسه المباشر، ومكّنته من تجاوزه عند خط النهاية ليحسم اللقب لصالحه بفارق بسيط، وهذا التكتيك الذكي يعكس التحضير الجيد والإيمان بالقدرة على المنافسة حتى اللحظة الأخيرة، مما جعل فوز عداء بريطاني بعمر 91 عاما ليس مجرد مشاركة شرفية بل انتصاراً رياضياً حقيقياً، وهو ما يضيف بعداً آخر لهذا الإنجاز التاريخي الذي يتجاوز مجرد الحصول على ميدالية.

من إدمان التدخين إلى منصات التتويج: بداية مسيرة كولين سبيفي

خلف هذا الإنجاز الرياضي الكبير تكمن قصة تحول غير متوقعة بدأت قبل عقود طويلة، حيث يعترف سبيفي بنفسه قائلاً إنه بدأ التدخين بعد تخرجه من المدرسة الثانوية ولم يكن يمارس أي نشاط بدني لسنوات طويلة، وكانت نقطة التحول في حياته عندما تحداه أحدهم في سباق لمسافة ميل واحد، ولكنه لم يستطع إكمال نصف المسافة حتى، فقد كان يلهث بشدة وشعر بالإرهاق التام، وفي تلك الليلة اتخذ قراراً جذرياً غيّر مسار حياته بالكامل؛ حيث ألقى بكل ما يملكه من سجائر وغليون تبغ في سلة المهملات بلا رجعة، ليبدأ رحلة جديدة لم يكن يتخيل نهايتها.

منذ تلك اللحظة الحاسمة، انطلقت مسيرة العداء العجوز في عالم سباقات الهواة، حيث بدأ يتدرج بثبات، فشارك في سباقات لمسافة 10 كيلومترات ثم 15 كيلومتراً، وصولاً إلى خوض تحديات نصف الماراثون، بل وشارك في بضعة ماراثونات كاملة أيضاً، لكن الحياة حملت له تحدياً آخر عندما مرضت زوجته، مما اضطره للتوقف عن الجري لفترة طويلة ليتفرغ لرعايتها، وهو ما يوضح أن فوز عداء بريطاني بعمر 91 عاما لم يكن طريقه مفروشاً بالورود.

سباقات باركرون: نقطة التحول في رحلة العداء البريطاني الملهمة

بعد فترة انقطاع طويلة امتدت منذ أن كان في الستين من عمره تقريباً، عادت شرارة الشغف بالرياضة لتتوهج من جديد بفضل ابنته، إذ يروي سبيفي كيف أخبرته ابنته عن سباقات “باركرون”، وهي فعاليات مجتمعية للجري، ويصف تلك اللحظة بأنها فتحت له آفاقاً جديدة من المغامرات الرياضية التي لم يكن يتوقعها في هذا العمر، ومنذ تلك العودة، انخرط سبيفي بحماس في المشاركة ضمن فئتي “M85” و”M90″، ليثبت للعالم أن الطموح لا يعترف بالزمن وأن فوز عداء بريطاني بعمر 91 عاما هو نتيجة طبيعية لشغف متجدد.

قصة كولين سبيفي لا تقتصر على مجرد تحقيق ميدالية ذهبية، بل هي رسالة قوية بأن البدايات الجديدة ممكنة في أي مرحلة من مراحل الحياة، وأن التخلي عن عادة سيئة قد يكون الشرارة التي تضيء مساراً مليئاً بالإنجازات غير المتوقعة، ليصبح فوز عداء بريطاني بعمر 91 عاما مصدر إلهام حقيقي.

إن إنجاز سبيفي يظل شهادة حية على أن العزيمة والشغف يمكنهما التغلب على كل العقبات، بما في ذلك التقدم في السن، ليؤكد أن الروح الرياضية قادرة على منح الحياة نكهة خاصة من التحدي والانتصار.

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.