ضحك متواصل .. فنان شهير يكشف لأول مرة تفاصيل مكالمة محمد صبحي ومبارك وماذا طلب منه الرئيس

كشفت كواليس مكالمة محمد صبحي والرئيس مبارك عن جانب إنساني لم يكن معروفًا للكثيرين, حيث أظهرت هذه الواقعة الطريفة مدى تقدير الرئيس الراحل للفن وقدرته على استيعاب النقد الساخر بروح مرحة, وهو ما رسخ في ذاكرة الفنان الكبير كأحد أبرز المواقف التي لا تُنسى في مسيرته الفنية الطويلة والغنية بالأحداث والمواقف المؤثرة التي شكلت وعيه الفني.

تفاصيل مكالمة محمد صبحي والرئيس مبارك التي كشفت عن موقف فني فريد

كان الفنان محمد صبحي معروفًا بجرأته في تقديم شخصية الرئيس الأسبق حسني مبارك على خشبة المسرح داخل مصر, حيث كانت هذه الفقرة من أبرز فقرات عروضه المسرحية التي لاقت تفاعلًا كبيرًا من الجمهور, إلا أن صبحي كان لديه مبدأ فني راسخ يتمثل في الامتناع عن أداء هذا التقليد تحديدًا عند تقديم عروضه خارج حدود الوطن, وقد كان هذا القرار نابعًا من شعوره العميق بالمسؤولية الوطنية واحترامه لمكانة رئيس الدولة كرمز لمصر في المحافل الدولية, فكان يخشى أن يُساء فهم هذا التقليد الساخر أو أن يتم استغلاله بشكل يقلل من هيبة المنصب الرئاسي أمام الجماهير الأجنبية, مما دفعه لاتخاذ هذا الموقف المبدئي الذي لم يكن يعلم أن رئاسة الجمهورية تراقبه عن كثب.

تطورت الأحداث بشكل غير متوقع حين تلقى الفنان محمد صبحي اتصالًا هاتفيًا لم يكن في الحسبان من الدكتور أسامة الباز, الذي كان يشغل منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية للشؤون السياسية في ذلك الوقت, حيث استهل الباز المكالمة بسؤال مباشر حول ملاحظة رصدتها السفارات المصرية في الخارج, وهي أن محمد صبحي يتوقف عن تقليد الرئيس مبارك في عروضه الفنية خارج مصر, وقد أثار هذا الاستفسار دهشة صبحي الذي لم يتوقع أن يصل هذا الأمر إلى أعلى مستويات الدولة, فكانت هذه هي اللحظة التي أدرك فيها أن فنه ومواقفه تحت المجهر, وأن قراراته الفنية لها أبعاد تتجاوز خشبة المسرح.

لماذا تجنب محمد صبحي تقليد الرئيس مبارك في عروضه الخارجية؟

أوضح محمد صبحي خلال حديثه مع الدكتور أسامة الباز أن موقفه ينبع من حس وطني خالص, فهو يرى أن تقليد رئيس الدولة داخل مصر هو نوع من النقد الفني المباح الذي يندرج تحت حرية الإبداع, وهو على استعداد لتحمل تبعاته أيًا كانت, ولكنه لا يجرؤ على فعل الأمر نفسه خارج البلاد؛ لأنه يشعر بأن ذلك قد يضعف من صورة مصر ورمزها الوطني أمام العالم الخارجي, فهو يعتبر نفسه سفيرًا لبلده في الخارج, ومن واجبه الحفاظ على صورة وهيبة مؤسساتها, وقد أظهرت هذه الإجابة عمق فهم الفنان لدوره ومسؤوليته, وأن فنه لم يكن مجرد أداء تمثيلي بل كان يحمل رسالة وقيمًا راسخة.

لم تكن القصة مجرد استفسار عابر, بل كانت تمهيدًا لمفاجأة أكبر بكثير, فبعد هذه المحادثة بفترة وجيزة, جاءت اللحظة التي شكلت ذروة كواليس مكالمة محمد صبحي والرئيس مبارك التي يتذكرها الفنان حتى اليوم, وتلخصت الأحداث في الخطوات التالية التي سبقت المكالمة التاريخية:

  • اتخاذ محمد صبحي قرارًا ذاتيًا بالتوقف عن تقليد الرئيس في الخارج.
  • رصد السفارات المصرية في عدة دول لهذا الموقف الفني اللافت.
  • نقل الملاحظات إلى مكتب رئيس الجمهورية في القاهرة.
  • تكليف الدكتور أسامة الباز بالاتصال بالفنان واستيضاح الأمر.
  • وصول رد محمد صبحي المقنع والمبرر إلى الرئيس مبارك شخصيًا.

هذه السلسلة من الإجراءات أظهرت اهتمامًا غير معتاد بموقف فنان, ومهدت الطريق للاتصال المباشر الذي عكس طبيعة العلاقة بين الفن والسياسة في تلك الفترة, وكيف يمكن أن تتحول ملاحظة دبلوماسية إلى موقف إنساني طريف.

مفاجأة مبارك لصبحي: “قلدني زي ما أنت عايز”

كانت المفاجأة الكبرى عندما رن هاتف محمد صبحي مرة أخرى, ولكن هذه المرة كان المتحدث هو الرئيس حسني مبارك بنفسه, ففي لفتة إنسانية وغير متوقعة, تحدث الرئيس مع الفنان بروح الدعابة والأريحية, وقال له جملته الشهيرة التي ظلت عالقة في ذهن صبحي: “يا محمد، قلدني زي ما أنت عايز حتى برا مصر، ولا عايز تبقى أنت المشهور لوحدك؟”, وقد كانت هذه الكلمات البسيطة بمثابة ضوء أخضر وتشجيع مباشر من رأس الدولة, عكست ثقة كبيرة وروحًا رياضية عالية, وأزالت أي حرج كان يشعر به الفنان, حيث حملت هذه المكالمة رسالة مفادها أن النقد الفني الراقي لا يزعج القيادة بل قد يكون محل تقدير.

أكد محمد صبحي مرارًا أن هذه الواقعة تمثل شهادة حقيقية على أن الفن الهادف الذي يحترم الرموز ولا يهدف إلى الإساءة الشخصية يمكن أن يجد آذانًا صاغية حتى في أعلى المناصب, وقد بقيت تفاصيل كواليس مكالمة محمد صبحي والرئيس مبارك محفورة في ذاكرته كدليل على أن العلاقة بين المبدع والسلطة يمكن أن تتجاوز الحواجز الرسمية لتصل إلى مستوى من التفاهم الإنساني الراقي.

تظل هذه الحادثة مثالًا على كيفية احتواء القيادة السياسية للنقد الفني بذكاء ودعابة, مما يحول موقفًا قد يبدو حرجًا إلى ذكرى إيجابية تعكس مساحة التسامح التي كانت متاحة في ذلك الوقت, وتؤكد أن الفن رسالة قوية ومؤثرة.

وسوم:

صحفي يغطي مجالات الرياضة والثقافة، معروف بمتابعته الدقيقة للأحداث الرياضية وتحليلاته المتعمقة، بالإضافة إلى اهتمامه بالجانب الإنساني في القصص الثقافية والفنية.