العملات المشفرة.. خسائر بالمليارات تهز سوق بيتكوين وإيثيريوم وتغير موازين الاستثمار

شهدت أسواق العملات المشفرة انهيارًا مفاجئًا حادًّا أفقد “بيتكوين” و”إيثيريوم” جزءًا كبيرًا من قيمتهما السوقية، مما أدخل المستثمرين في حالة من القلق والذعر الجماعي؛ وسط علامات استفهام حول ما إذا كان هذا التراجع تصحيحًا مؤقتًا أم بداية أزمة مالية رقمية تهزّ الاقتصاد العالمي.

تراجع حاد في أسعار العملات المشفرة: أسباب وتأثيرات

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهدت العملات المشفرة هبوطًا حادًا في قيمتها، بدأ من بيتكوين ثم امتد إلى أغلب الأصول الرقمية الأخرى، وفقًا لما ذكرته صحيفة “ويست فرانس” الفرنسية؛ إذ يشتهر شهر أكتوبر/تشرين الأول بارتباطه بالأزمات المالية الكبرى، ومما زاد الطين بلة، أن بيتكوين سجل في 5 أكتوبر رقمًا قياسيًا فوق 125,000 دولار، لكنه سرعان ما انخفض إلى 105,000 دولار، وهو نفس المستوى التقريبي لبداية الصيف، ما يعكس تراجعًا كبيرًا.
ولم تقتصر الخسائر على بيتكوين فقط، بل انخفضت إيثيريوم من 4,686 دولارًا إلى 3,218، وBNB من 1,304 إلى 1,047 دولارًا، كما تراجعت سولانا من 222 إلى 177 دولارًا؛ وبالرغم من ذلك، تمكنت بعض العملات الرقمية الصغيرة من الحفاظ على استقرارها وسط هذا الانهيار الواسع.

• مخاطر العملات الرقمية المستقرة تشغل بال مناقشات صندوق النقد الدولي في الوقت الراهن

كيف يغذي الانخفاض السريع في العملات المشفرة نفسه؟ تفسير حركة الأسواق الرقمية

يرى خبراء مثل فالنتين ديميزون من شركة Mon Petit Placement أن الانخفاض الكبير في أسعار العملات المشفرة نتج عن “حركة ذاتية التغذية”، حيث بدأت بانخفاض بسيط ثم تحولت إلى موجة بيع جماعية نتيجة توقع المستثمرين استمرار التراجع؛ مما أدى إلى سرعة الانهيار بسبب عمليات البيع التلقائية عبر أنظمة التداول الآلي.
ويُرجِع البعض هذه الشرارة الأولى إلى التوترات الجيوسياسية، خاصّة بعد تصريحات دونالد ترامب حول احتمال فرض رسوم جمركية جديدة على الصين، مما زاد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وأثر سلبًا على الاستثمارات عالية المخاطر كالبيتكوين.
أما من جهة أخرى، فيُعتقد أن حالة الترقب المرتبطة بقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة ساهمت في تقلب شهية المخاطرة، حيث تؤثر تلك القرارات مباشرة على تفضيلات المستثمرين بين الأصول الآمنة والأصول الرقمية؛ مع ذلك، لا يزال السبب الدقيق لهذا الانهيار في أكتوبر/تشرين الأول مجهولًا.

المستثمر الصغير يواجه الخسائر الأكبر في انهيار سوق العملات المشفرة

تشير التحليلات إلى أن الانهيار لم يبدأ من المستثمرين الصغار، بل من كبار اللاعبين المعروفة بـ “الحيتان” الذين يتحكمون بأصول بمليارات الدولارات، وقد سمحت بيئة السوق غير المنظمة لحركة تدفقات مالية ضخمة قلبت موازين العرض والطلب.
وأوضحت ديميزون أن ضعف التنظيم في سوق العملات الرقمية يجعل التقلبات حادة للغاية، حيث يدفع المستثمرون الصغار الثمن في النهاية وسط هذه التغيرات المتسارعة.
وبحسب “ويست فرانس”، فإن تراجع بيتكوين تسبب في جرّ معظم العملات المشفرة الأخرى نحو الانخفاض، سواء بسبب انتقال تأثير السلبي من خلال “عدوى السوق” وتقليل ثقة المستثمرين، أو لارتباط أصول أخرى بشكل جزئي باتجاهات البيتكوين نفسها.

بهذه الصورة، تبقى أسواق العملات المشفرة على المحك، مع مخاوف تتصاعد حول تحركات كبار المستثمرين وتأثير ذلك على المتداولين الصغار، وسط تغيرات متسارعة قد تؤدي إلى إعادة تشكيل مشهد الاستثمار في الأصول الرقمية بشكل جذري.