مواجهات حاسمة .. مخاطر وتهديدات اتفاق غزَّة وتأثيرها على قدرة لبنان في مسيرة السلام

انطلقت مسيرة إنهاء الحرب في غزة بجولة أولى شهدت عرضاً سياسياً بارزاً قدّمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إسرائيل برفقة مستشاره الخاص ستيفن ويتكوف وصهره جاريد كوشنر، حيث ألقى خطاباً في الكنيست الإسرائيلي دعا فيه إلى السلام الشامل للشرق الأوسط، وحصل على الموافقة العلنية من الحكومة ممثلة ببنيامين نتنياهو والمعارضة ممثلة بيئير لابيد؛ مما شكّل نقطة انطلاق نحو وقف نار دائم بين الأطراف.

اتفاقية شرم الشيخ والضمانات الدولية لإنهاء الحرب في غزة

شهدت قمة شرم الشيخ توقيع اتفاقية مهمة بين ترامب ورؤساء الدول المشاركين في جهود الوساطة التي تهدف لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة، ووضع العملية على طريق طويل وصعب مليء بالتحديات؛ أبرزها نزع سلاح حركة حماس بشكل كامل، وتشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة مهام الحكومة البديلة لحكومة حماس في القطاع. إضافة لذلك، تم الاتفاق على تشكيل قوة دولية بقيادة أميركية لحماية الاتفاق وضمان منع أي انقسامات داخل المجتمع الفلسطيني في غزة، إلى جانب حشد جهود مالية كبيرة لإعادة إعمار القطاع بشكل يضمن الحياة الكريمة لسكانه.

التحديات الأمنية والسياسية في مسار إنهاء الحرب في غزة

تمثل أحد أبرز تحديات تنفيذ الاتفاقية في الترتيبات الأمنية التي تضمن عدم اعتبار إسرائيل لغزة كمصدر تهديد، مع انسحابها الكامل من مواقعها داخل القطاع؛ وعلى الرغم من ذلك تبقى المرحلة الثانية، التي تركز على تنفيذ الإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية لاستعادة وحدتها في الضفة والقطاع، صعبة للغاية. هناك اختلافات جوهرية بين القيادات الفلسطينية حول شكل الدولة المستقبلية، كما تواجه قوات الأمن الفلسطيني مهمة تأمين النظام الداخلي، بعد تدريبها في مصر والأردن، في حين ستركز القوات العربية والإسلامية الجديدة على تأمين الحدود والمداخل. تبقى مخاوف من استمرار النزاعات بين السكان ومنظمات شبه عسكرية قد تستمر في عملها بطرق مختلفة وتحت تأثيرات إسرائيلية، مما يفرض تحديات إضافية على استتباب الأمن.

دور الضغط الإقليمي والدولي في دعم خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة

تمكنت خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة من فرض أهدافها على إسرائيل وحماس تحت ضغوط عربية وإسلامية مركزة؛ خاصة من مصر والسعودية والإمارات وقطر وتركيا، التي لعبت دوراً محورياً في إقناع حماس بتسليم الرهائن، وتفكيك بنيتها العسكرية، وتسليم السلطة لمؤسسة جديدة تشرف عليها الإدارة الأميركية. وتحركت هذه الدول لتحقيق مصالح أمنية وسياسية واقتصادية تتضمن حصول تركيا على طائرات F35، والسعودية والإمارات على ضمانات أمنية وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي من الولايات المتحدة. وقد أدركت الدول الخليجية أن استمرار الحرب يهدد مشاريعها التنموية ويعزز نفوذ إيران المنطقة، ما زاد من إصرارها على تسوية النزاع. أما إسرائيل وحماس، فرغم قدراتهما العسكرية، يعيشان عزلة إقليمية ودولية، وهو ما دفعهما لقبول شروط وقف الحرب.

الدولة المطالب الرئيسية
تركيا الحصول على طائرات F35
السعودية والإمارات بنود أمنية ضمانية وتعاون في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
مصر وقطر الضغط على حماس لقبول الاتفاق وتسليم الرهائن

أما لبنان، فقد شهد تطوراً لافتاً مع تأكيد ترامب أمام الكنيست على سعي الرئيس ميشال عون لتطبيق قرار حصر السلاح، ودعوته للدخول في حوار سياسي مع إسرائيل لإنهاء الخلافات المتعلقة بالحدود وإعادة إعمار القرى المتضررة، ويتوقع أن يُستثمر هذا الخطاب خلال الأسابيع القادمة بدعم السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى لاستكمال الجهود الدبلوماسية في المنطقة.

إن رؤية ترامب لإنهاء الحرب في غزة تشكل مشروعاً أميركياً يرتكز على تحقيق استقرار سياسي وأمني في المنطقة، يُمكن أن يكون بداية لتحولات عربية وإقليمية واسعة، رغم المخاطر والتحديات التي قد تواجهها هذه الاتفاقية؛ خصوصاً بسب تعقيدات الأوضاع الداخلية وحساسية المصالح الدولية والاقليمية، مما يجعل نجاحها مرتبطاً بشكل مباشر بحكمة الأطراف ومساعي الإدارة الأميركية في الحفاظ على الهدوء والتطور الإيجابي في الشرق الأوسط.

كاتب وصحفي يهتم بالشأن الاقتصادي والملفات الخدمية، يسعى لتبسيط المعلومات المعقدة للقارئ من خلال تقارير واضحة وأسلوب مباشر يركز على أبرز ما يهم المواطن.