ركود السوق العراقية .. تأثير تذبذب الدينار وضعف الإنفاق يهددان الاقتصاد الوطني
تشهد السوق العراقية ركودًا اقتصاديًا حادًا أثر بشكل مباشر على النشاط التجاري وانخفاض مبيعات الشركات، ويرجع هذا الانكماش إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين وضعف الإنفاق الحكومي وتذبذب سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي، مما أثّر سلبًا على الحركة الاقتصادية بشكل واسع.
تأثير تذبذب سعر صرف الدينار على ركود الأسواق العراقية
أكد رشيد السعدي، المتحدث الرسمي باسم غرفة تجارة بغداد، أن الركود الحالي في الأسواق العراقية يعود إلى تداخل عوامل اقتصادية وسياسية متعددة؛ حيث يجعل تذبذب سعر صرف الدولار في السوق الموازية حركة البيع والشراء بطيئة وغير مستقرة، خاصة عند انخفاض سعر الدولار، حيث يميل التجار والمستهلكون إلى الترقب والانتظار؛ مما يُبطئ العمليات التجارية بشكل ملحوظ. استقرار سعر الدولار وارتفاعه يعيدان النشاط إلى السوق كما يظهر بشكل متكرر، وفي الوقت ذاته يواصل الدينار العراقي ارتفاعه بالمقارنة مع الدولار، حيث سجل سعر 139,500 دينار مقابل كل 100 دولار، بعد أن وصل إلى 148,000 دينار في الأشهر السابقة.
وأضاف السعدي أن هناك عوامل أخرى ساهمت في الركود الاقتصادي مثل ارتفاع درجات الحرارة وتأثيراتها على النشاط الاقتصادي، إضافةً إلى محادثات البنك المركزي مع المؤسسات المالية الدولية التي أدت إلى تقليل الاعتماد على السوق الموازية وزيادة التعامل عبر المنصة الرسمية للبنك المركزي، الأمر الذي انعكس على تراجع مبيعات البنك نفسه.
كما يرتبط ضعف الإنفاق الحكومي بعدم إقرار الموازنة خاصة الاستثمارية التي تحتل جزءًا كبيرًا من الميزانية العامة، إذ يؤدي هذا الأمر إلى انكماش النشاط التجاري، وتراجع الاستثمار العقاري بسبب ارتفاع الأسعار وعزوف المواطنين عن الشراء، فضلاً عن تأثير انخفاض سعر الدولار على حركة السفر والسياحة نتيجة عدم تغطية فرق السعر نفقات السفر، مما أدى إلى تراجع عدد السياح العراقيين المغادرين للخارج.
وعلى الرغم من انخفاض معدل التضخم في العراق إلى 2.2% بالربع الأول من عام 2025، شهدت القطاعات غير الأساسية تراجعًا حادًا في الطلب، حيث فضل المواطنون تأجيل شراء الكماليات في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
دعوة لإصلاحات عاجلة لمواجهة الركود الاقتصادي وتأثيرات سعر صرف الدينار
قال الخبير الاقتصادي أحمد الأنصاري إن الركود الاقتصادي الحاد مع تذبذب سعر صرف الدينار العراقي أثر تأثيرًا سلبيًا مباشرًا على الأسواق؛ إذ أدى إلى توقف العديد من الأنشطة التجارية وتراجع ملحوظ في المبيعات يعكس عمق الأزمة الراهنة التي لا تُحل بإجراءات مؤقتة. رفع سعر الدينار مقابل الدولار يدعم قيمة العملة المحلية لكنه يضعف القدرة التنافسية للمنتج المحلي أمام البضائع المستوردة، مما قلص بشكل كبير هوامش الربح للتجار الذين يعتمدون على الاستيراد، وخصوصًا أولئك الذين تعاقدوا بأسعار دولار أعلى، فتكبدوا خسائر عند تحويل أموالهم إلى الدينار بأسعار أعلى.
وأشار الأنصاري إلى أن ضعف الثقة في السياسات النقدية يشدّد من تقلبات سعر الصرف، مما يزيد من حالة الترقب والتأجيل في قرارات الشراء والاستثمار، ويُعمّق تباطؤ السوق ويُفاقم حالة الكساد الاقتصادي.
علاوة على ذلك، يلعب ضعف الإنفاق الحكومي دورًا سلبيًا على الاقتصاد العراقي الذي يعتمد أساسًا على إيرادات النفط، فهو المحرك الرئيسي للأنشطة الاقتصادية عبر تمويل الموازنة والمشاريع الاستثمارية وتطوير البنية التحتية، وعندما يتراجع الإنفاق الحكومي تنخفض السيولة وتتعثر صرف الرواتب ومستحقات المشاريع، مما يُضعف الاستثمار المحلي ويقلل رغبة المستثمرين بضخ الأموال في الأسواق.
رغم الركود، بعض القطاعات مثل الإنتاج الزراعي والصناعي، والخدمات الرقمية، والتعليم، والصناعة الغذائية، والقطاع الصحي لم تتأثر بشكل مباشر بفضل استمرار الحاجة إلى هذه الخدمات والمنتجات.
وطالب الأنصاري باتخاذ إجراءات حكومية سريعة تهدف إلى استقرار السوق وحماية الدينار العراقي، محذرًا من أن استمرار الركود قد يؤدي إلى انكماش اقتصادي طويل الأمد وزيادة مستويات الفقر، خاصةً في الطبقات الوسطى والفقيرة، مع احتمالية وقوع اضطرابات اجتماعية لاحقة.
تحديات التجار العراقيين وتأثير القرارات الحكومية على سوق العقارات
أعرب رجل الأعمال وتاجر العقارات حسن عماد عن قلقه البالغ من الإجراءات الحكومية الأخيرة التي أتت بنتائج عكسية على قطاع الأعمال والتجارة في العراق، متسببة في خسائر كبيرة للتجار.
أكد عماد أن قرار البنك المركزي بتحديد الأسعار ومصير الأموال، الذي جاء لمواجهة قضايا غسيل الأموال، أوقف سوق العقارات بشكل كبير بسبب تخوف التجار من الملاحقة القانونية، ونتج عنه ركود شامل في السوق.
وأضاف أن التجار بشكل عام يعانون من مضايقات تشمل تأخير وصول البضائع من مناطق التصدير، إلى جانب قرارات من الهيئة الجمركية والمنافذ الحدودية التي أعاقت عمليات الاستيراد، وخاصة لتجار السيارات، مما زاد من انخفاض الحركة المالية والتجارية.
وأشار إلى أن هذه العقبات تسببت في خسائر كبيرة للعديد من التجار العراقيين، واستمرارها يضعف قطاع التجارة ويؤثر على الاقتصاد الوطني ككل.
العامل | التأثير |
---|---|
تذبذب سعر صرف الدولار مقابل الدينار | تباطؤ الحركة الشرائية وتراجع مبيعات التجار |
ضعف الإنفاق الحكومي | انكماش اقتصادي وتأخير صرف الرواتب والمشاريع |
ارتفاع سعر الدينار | تراجع تنافسية المنتج المحلي وخسائر للاستيراد |
الإجراءات الحكومية على العقارات والجمارك | تراجع نشاط سوق العقارات وتأخير الاستيراد |