تصاعد التوترات.. احتجاجات المزارعين تمتد إلى المحاكم وتثير أزمة زراعية في فرنسا
تتصاعد أزمة المزارعين في فرنسا وسط احتجاجات مستمرة وقرارات قضائية تعكس التصادم المتزايد بين المزارعين والسلطات، بعدما أدانت محكمة باريس مزارعًا من منطقة سافوا بغرامة مالية إثر اتهامه بممارسة العنف ضد رجال الشرطة خلال احتجاجات ديسمبر 2024 المناهضة لاتفاق “ميركوسور” التجاري، الذي يثير رفضًا واسعًا في الأوساط الزراعية الفرنسية.
تطورات أزمة المزارعين في فرنسا وغرامات الإدانة ضد المحتجين
حكمت محكمة باريس على المزارع تييري بونامور، عضو اتحاد المزارعين الفرنسيين، بغرامة مالية قدرها 450 يورو بسبب اعتدائه على شرطي أثناء مظاهرة أمام قصر “غراند باليه” بالعاصمة الفرنسية، بينما نال زميله الحكم نفسه، مع إلزامهما بدفع تعويضات بقيمة 900 يورو لثلاثة من رجال الشرطة الذين تعرضوا لإصابات، من بينهم شرطي تعرض للعضّ أثناء محاولة اعتقال بونامور. أثناء المحاكمة، أكد بونامور أن رد فعله كان دافعًا للخوف وغريزة البقاء بسبب القبضة التي وضعها الشرطي على فمه، مع تقديم اعتذار رسمي للشرطي، بينما برأته المحكمة من تهم تخريب الممتلكات داخل القصر، مما أضاف بعدًا جديدًا لأزمة المزارعين في فرنسا التي لم تعد تقتصر على الشارع فقط.
تفاعل المجتمع والقضاء مع احتجاجات المزارعين ضد اتفاق “ميركوسور”
عكست المحاكمة نقاشًا حادًا حول كيفية تعامل قوات الأمن مع الاحتجاجات التي وصفها المشاركون بأنها سلمية، حيث أقر المدعي العام بأن تصرف الشرطة كان عنيفًا وغير متناسب مع طبيعة التظاهرة، فيما سردت مزارعة من منطقة سين إت مارن، تبلغ من العمر 58 عامًا، تفاصيل فقدانها للوعي أثناء اعتقالها رغم عدم محاولتها الاعتداء، بسبب الخوف من الحشود المسلحة، مما يزيد من تعقيد الأزمة. وتأتي هذه المظاهرات في إطار رفض واسع لاتفاق “ميركوسور” بين الاتحاد الأوروبي ودول أمريكا الجنوبية، الذي يخشى المزارعون من أنه سيغمر السوق الأوروبية بالمنتجات الأجنبية منخفضة التكلفة، وينذر بخطر على استمرارية المزارع المحلية الفرنسية.
دور الاتحادات الزراعية في مواجهة أزمة المزارعين والتظاهرات السلمية المستمرة
يرى اتحاد “لا كونفيدرالية الريفيين” (La Confédération Paysanne) أن الحكومة الفرنسية لم تلتزم بوعودها بحماية المنتجين المحليين من المنافسة غير الشريفة، وسط تجدد الدعوات لمواصلة التظاهرات السلمية خلال الأشهر المقبلة. تحركات الاتحاد تعكس تمسك المزارعين بحقوقهم في ظل التحديات الاقتصادية واستمرار التوترات حول اتفاق “ميركوسور” التجاري، الذي يمثل محور الأزمة الزراعية الراهنة، حيث تتزايد المخاوف من تأثيره السلبي على الإنتاج المحلي وزيادة الضغوط على المزارعين، ما يجعل من الدعم الحكومي والمجتمعي ضرورة ملحة للحفاظ على قطاع الزراعة الفرنسي.