صندوق النقد .. يتوقع نمواً أقوى في أمريكا والعالم رغم تصاعد الرسوم الجمركية وتأثيراتها الاقتصادية

شهد الاقتصاد الأمريكي والعالمي نمواً أقوى من المتوقع هذا العام، رغم تصاعد الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، حيث أظهر صندوق النقد الدولي أن تأثير هذه الرسوم كان أقل حدة مما كان يُخشى، مع استمرار تطور الأوضاع الاقتصادية في ظل الحرب التجارية.

توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد الأمريكي وسط تصاعد الرسوم الجمركية

يعتقد صندوق النقد الدولي أن نمو الاقتصاد الأمريكي سيتجاوز التوقعات السابقة، حيث يتوقع الصندوق نمواً بنسبة 2% خلال عام 2025، مقارنة بتوقعات يوليو التي بلغت 1.9% وأبريل التي كانت 1.8%، مع استمرار نمو الاقتصاد في 2026 بنسبة 2.1%، وهو معدل يسجل زيادة طفيفة عن التوقعات السابقة؛ ويعزى هذا الأداء إلى تفاوض الولايات المتحدة على اتفاقيات تجارية متعددة والإعفاءات المقدمة لبعض الدول، إلى جانب امتثال أغلب الدول لعدم اتخاذ إجراءات انتقامية؛ كما أبدى القطاع الخاص مرونة واضحة من خلال استيراد البضائع مقدماً وإعادة توجيه سلاسل التوريد بسرعة لتفادي تداعيات الرسوم.

فهم تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي والنمو المتوقع

أوضح تقرير الصندوق أن الاقتصاد العالمي سينمو بنحو 3.2% هذا العام، وهو تحسن طفيف عن تقديرات يوليو التي وضعت النمو عند 3%، مع ثبات توقعات النمو في 2026 عند نسبة 3.1%، مما يعكس نوعاً من التذبذب الطبيعي في التقديرات؛ ومع ذلك، يحذر الصندوق من أن التأثير الكامل للرسوم الجمركية لا يزال قيد التشكّل وأن المخاطر قائمة، خاصة مع تهديدات الولايات المتحدة بفرض رسوم جديدة؛ كما بين التقرير أن المستوردين وتجار التجزئة في أمريكا يتحملون الجزء الأكبر من كلفة هذه الرسوم حتى الآن، لكن هذا العبء قد يُنقل تدريجياً إلى المستهلكين من خلال ارتفاع الأسعار لاحقاً، ويُلاحظ ارتفاع معدل التضخم الأساسي إلى 2.9%، مع تباطؤ التوظيف الذي يعكس حذر الشركات في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة.

دور العوامل الأخرى في دعم النمو الاقتصادي رغم تصاعد الرسوم الجمركية

شدد كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه جورينشاس، على أن بعض العوامل عوضت جزئياً تأثيرات الرسوم؛ من ذلك تشديد القيود على الهجرة الذي أدى إلى تقليص المعروض من العمال، مما ساعد على إبقاء معدل البطالة منخفضاً، فضلًا عن زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي دعمت النشاط الاقتصادي الأمريكي بشكل ملحوظ؛ كما ساهمت الصين في امتصاص أثر الرسوم عبر تحويل صادراتها إلى أوروبا وآسيا بدلاً من السوق الأمريكية مع انخفاض قيمة عملتها لتعزيز تنافسية منتجاتها؛ وفي أوروبا، ساعد الإنفاق الحكومي المتزايد، خاصة في ألمانيا لتعزيز القوات المسلحة، على تدعيم النمو في منطقة اليورو، حيث من المتوقع أن تسجل الدول العشرون التي تعتمد اليورو نمواً يبلغ 1.2% هذا العام، مقابل 1% في التوقعات السابقة.

الدولة / المنطقة نمو 2025 (%) نمو 2026 (%)
الولايات المتحدة 2.0 2.1
الاقتصاد العالمي 3.2 3.1
الصين 4.8 4.2
منطقة اليورو 1.2 1.1

يرى صندوق النقد الدولي أن هذه التوقعات ما تزال تحمل عوامل تفاوت وتحذيرات متعددة بسبب الحرب التجارية وتصاعد الرسوم، لكن الأداء الاقتصادي الأمريكي والعالمي يبقى إيجابياً في ظل تحركات استباقية من الحكومات والقطاعات الخاصة على حد سواء؛ وهذه المرونة تسمح بتخفيف الضغوط الاقتصادية المتصلة بالرسوم وتدعم النمو في مراحل مقبلة، رغم استمرار حالة عدم اليقين وتراجع بعض المؤشرات كالتوظيف؛ وفي الوقت ذاته، تبقى السياسات الاقتصادية والاستثمارات التقنية من العوامل الحاسمة التي تسهم في تعزيز فرص مواجهة تحديات الأزمة التجارية وتأثيراتها على الأسواق العالمية.

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.