احتجاجات عمالية مشتعلة.. شلّت حركة 3 دول أوروبية وأثرت على الاقتصاد

تشهد أوروبا موجة متصاعدة من الاحتجاجات العمالية التي أدت إلى شلل واسع في الخدمات الحيوية بعدد من الدول، وتحديدًا فرنسا وبلجيكا واليونان، حيث يعبر العمال عن غضبهم من الظروف الاقتصادية الصعبة ورفضهم لإصلاحات حكومية تمس حقوقهم ومستقبلهم المهني. الاحتجاجات العمالية تمثل رد فعل مباشر على الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالقارة في ظل تراجع النمو وعدم استقرار الأسواق العالمية.

تفاصيل أزمة قانون التقاعد وتأثير الاحتجاجات العمالية في فرنسا

تتصاعد الاحتجاجات العمالية في فرنسا بسبب الجدل المستمر حول قانون التقاعد الجديد لعام 2023، والذي يقضي برفع سن التقاعد القانوني إلى 64 عامًا بحلول 2032؛ وهو ما رفضته الطبقة العاملة بشدة وسط أجواء سياسية متوترة وصعوبة في تشكيل حكومة جديدة. الحكومة الفرنسية حاولت كسب رضى النقابات العمالية من خلال احتمال تعليق القانون مؤقتًا، كبادرة تهدئة للشارع العام، رغم تعقيدات قانونية ومالية يواجهها هذا الإجراء.

النقاش حول تعليق قانون التقاعد يحظى بدعم من القوى اليسارية، في مقابل معارضة اليمين، فيما تشكل تداعيات هذا التعليق عبئًا ماليًا إضافيًا على ميزانية الدولة، ولا يشمل الذين بدأ تطبيق القانون عليهم فعلاً ممن ولدوا بعد سبتمبر 1961. رئيسة الوزراء السابقة، إليزابيت بورن، أكدت ضرورة دراسة تبعات تعليق القانون إن كان شرطًا لاستقرار البلاد، فيما دعا سيباستيان لوكورنو إلى فتح نقاش جديد حول إصلاح نظام التقاعد؛ لكن ما يزال الأمر في إطار الأفكار النظرية دون آليات واضحة للتنفيذ.

مسيرة الكرامة في بلجيكا وتأثير الاحتجاجات العمالية على الخدمات العامة

في بلجيكا، نظم عشرات الآلاف من العمال احتجاجًا جماهيريًا في بروكسل تحت مسمى “مسيرة الكرامة”، مطالبين بتحسين معاشات التقاعد والأمن الوظيفي وظروف العمل، وذلك في مواجهة سياسات الحكومة الفيدرالية التي تحتوي إصلاحات مثيرة للجدل. النقابات الرئيسية الثلاث CSC وFGTB وCGLSLB قادت هذه الاحتجاجات، حيث تتضمن مطالبها الإصلاح في نظام المعاشات، تقليل ساعات العمل الليلي، وتوسيع فرص التوظيف المرن حسب “ذا بروكسل تايمز”.

ويشارك في المسيرة المعلمون والفنانون والعاملون في المجال الثقافي، احتجاجًا على السياسات التي تحد من حساب المعاش على فقط 20% من العمر المهني، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني التي تدعو إلى الاستدامة والأغذية العضوية المحلية.

منظمات مكافحة الفقر انتقدت سياسات الحكومة التي تُفاقم معاناة الفقراء، وسط توقعات بحدوث اضطرابات في الخدمات العامة، مع تأثر شبكات النقل وشل رحلات مطاري بروكسل وشارلروا يوم الاحتجاج.

الإضراب العمالي في اليونان وتأثيره على سوق العمل والإصلاحات الحكومية

في اليونان، تخلفت السفن عن الإبحار وتوقفت القطارات عن الحركة نتيجة إضراب العمال الذي نظمته النقابات احتجاجًا على مشروع قانون إصلاح سوق العمل، الذي يتضمن تمديد ساعات العمل ومرونة أكبر في التوظيف المؤقت، ما يثير قلق العاملين بشأن حقوقهم ومستقبلهم المهني. يأتي هذا الإضراب في وقت يجري البرلمان مناقشة تشريعات الإصلاح المتوقع التصويت عليها خلال الأسبوع.

تشمل نقاط الجدل إلغاء يوم العمل الثماني الساعات، وتعديل نظام الإجازات السنوية، وسط تأكيد الحكومة على أن الإصلاحات ستزيد الفاعلية والمرونة، وتحمي العمال من الفصل بسبب رفض العمل لساعات إضافية. بالمقابل، ترى النقابات أن القانون يقوض حقوق العمال في بلد لا يزال يعاني من تدني متوسط الأجور مقارنة بمثيله في الاتحاد الأوروبي، رغم تحسن معدلات البطالة وزيادة الأجور بعد أزمات ديون استمرت من 2009 وحتى 2018.

الدولة سبب الاحتجاج المطالب التأثيرات
فرنسا إصلاح قانون التقاعد ورفع سن التقاعد تعليق القانون أو تعديله لحماية حقوق العمال شل شبه كامل للخدمات وتوتر سياسي
بلجيكا إصلاحات المعاشات وظروف العمل تحسين الأمان الوظيفي وزيادة المعاشات وتقليل ساعات العمل الليلية تعطيل النقل الجوي والبري والسكك الحديدية
اليونان إصلاحات سوق العمل وتمديد ساعات العمل رفض تمديد ساعات العمل وحماية حقوق العمال تعطيل الموانئ والقطارات وإضرابات عامة

تظهر الاحتجاجات العمالية في أوروبا تعبيرًا حادًا عن رفض السياسات التي تؤثر على مستوى المعيشة والحقوق الوظيفية، في ظل اقتصاد يشهد تحديات كبيرة وأزمات متراكمة، مما يرسم أفقًا معقدًا للمستقبل القريب لهذه الدول الثلاث، ويعكس الأزمة العميقة التي تواجه علاقة العمل والدولة عبر القارة.

صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية وشؤون المرأة، تكتب بزاوية إنسانية تعكس نبض المجتمع وتسلط الضوء على التحديات والنجاحات في الحياة اليومية.