السياسة الأمريكية.. كيف غيّرت العملات المشفّرة ملامحها وفتحت آفاقًا جديدة؟
تغيرت ملامح السياسة الأمريكية بشكل ملحوظ مع بروز تأثير العملات المشفرة في السنوات الأخيرة، إذ أصبح لهذا القطاع حضور قوي داخل أروقة السلطة في واشنطن، ما يعكس تزايد أهمية العملات الرقمية وأدوارها المتعددة في صنع القرار السياسي.
تأثير العملات المشفرة على الانخراط السياسي في واشنطن
شهدت صناعة العملات المشفرة في واشنطن تحولًا كبيرًا، خاصة بعد سلسلة من الانتخابات التي شكّلت نقطة الفاصل لهيمنة تأثيرها داخل الكونغرس الأمريكي؛ إذ دعم القطاع مرشحين مؤيدين للعملات الرقمية بمبالغ ضخمة بلغت أكثر من 40 مليون دولار في 2024، مما أسهم في تغيير موازين القوى السياسية لصالح الصناعة الرقمية. فمثلاً، خسارة السيناتور الديمقراطي شيرود براون لصالح الجمهوري بيرني مورينو المدعوم من العملات المشفرة، تمثل أكثر من مجرد تغيير في موقع سياسي؛ بل تعبير عن تأثير “التأثير المدفوع” الذي تستخدمه هذه الصناعة لتغيير سياسات تتعلق بتنظيمها، وهذا ما أكد عليه السيناتور تيم سكوت بأن إزاحة براون كانت خطوة محورية. ووصل هذا التأثير إلى تصريحات بارزة مثل تلك التي قالها إريك ترامب عن قدرة العملات الرقمية على إنقاذ الدولار والتصدي للبنوك الكبرى.
مشروعات قوانين تُعزز مكانة العملات الرقمية في النظام الأمريكي
مع انتهاء ولاية براون ورحيله عن رئاسة لجنة الشؤون المصرفية، انفتح المجال بسرعة لتبني مشاريع قوانين تدعم عمل العملات المشفرة، حيث تم إقرار تشريع لتنظيم العملات المستقرة (Stable coins) والعمل جارٍ على مشاريع تطمح إلى إعادة هيكلة تنظيم الأصول الرقمية بشكل شامل؛ ما يشير إلى تحول في العقلية التشريعية تجاه هذه التقنية. ودعم البيت الأبيض هذه الرؤية بعد أن أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب عن رؤية الولايات المتحدة كـ”عاصمة للعملات المشفرة في العالم” مع تقارير تشير إلى ارتباط عائلته بمصالح في هذا القطاع. وعلى الرغم من الانتقادات السابقة، يبدو أن بعض الخصوم السياسيين بداية يتقبلون دور العملات الرقمية، كما هو الحال مع تصريحات شيرود براون بعدما أدان عمليات الاحتيال لكنه اعترف بدور القطاع في الاقتصاد الأمريكي.
سباق انتخابي محتدم بين مؤيدي العملات المشفرة ومعارضيها
تشهد الساحة السياسية الأمريكية سباقًا محتدمًا، حيث يستعد الجمهوري جون هيوستد، المعروف بدعمه القوي للعملات الرقمية وتشريعات مثل قانون “GENIUS” الخاص بالعملات المستقرة، لمواجهة شيرود براون في الانتخابات المقبلة؛ وهو صراع لن يكون سهلًا بسبب ضخ مئات الملايين من الدولارات لتأييد المرشحين من قبل لجان سياسية كبيرة مثل Fairshake المدعومة من منصة Coinbase، التي جمعت أكثر من 140 مليون دولار حتى منتصف 2025. من جهة أخرى، تبرز قوة الصناعة الرقمية في الأوساط الشعبية تحديدًا لدى الشباب، خصوصًا الرجال تحت سن الخمسين، حيث يشكلون جزءًا كبيرًا من قاعدة الناخبين المحتملين والمستثمرين في العملات الرقمية، رغم تحفّظ الغالبية على مخاطرة الاستثمار في هذا المجال.
الجهة | الدعم المالي (مليون دولار) | الدور |
---|---|---|
مجموعات مؤيدة للعملات المشفرة | 40 | دعم المرشح بيرني مورينو في 2024 |
لجنة Fairshake المدعومة من Coinbase | 140 | دعم سياسي مستمر حتى منتصف 2025 |
لم تعد العملات المشفرة مجرّد تقنية أو ظاهرة اقتصادية جديدة، بل تحولت إلى قوة تؤثر بعمق على السياسات الأمريكية وتوزيع المناصب، ما يعكس كيف أن الصناعة الرقمية تستخدم نفوذها المالي والشعبي لفرض رؤيتها على المشهد السياسي، وبذلك تشكّل عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل التشريعات المالية والاقتصادية في واشنطن بشكل خاص، والولايات المتحدة بشكل عام.